( سيعلمون غدا من الكذاب الأشر )
ثم قال تعالى : ( سيعلمون غدا من الكذاب الأشر ) فإن قال قائل : سيعلم للاستقبال ووقت إنزال القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم كانوا قد علموا ؛ لأن وقد عاينوا ما عاينوا فكيف القول فيه ؟ بعد الموت تتبين الأمور
نقول : فيه وجهان :
أحدهما : أن يكون هذا القول مفروض الوقوع في وقت قولهم : بل هو كذاب أشر ، فكأنه تعالى قال يوم قالوا : بل هو كذاب أشر ( سيعلمون غدا ) .
وثانيهما : أن هذا لا بحصول العلم بالعذاب الأليم ، وهو عذاب جهنم لا عذاب القبر ، فهم سيعذبون يوم القيامة وهو مستقبل وقوله تعالى : ( التهديد بالتعذيب غدا ) لقرب الزمان في الإمكان والأذهان ثم إن قلنا : إن ذلك للتهديد بالتعذيب لا للتكذيب فلا حاجة إلى تفسيره ، بل يكون ذلك إعادة لقولهم من غير قصد إلى معناه ، وإن قلنا : هو للرد والوعد ببيان انكشاف الأمر فقوله تعالى : ( سيعلمون غدا ) معناه سيعلمون غدا أنهم الكاذبون الذين كذبوا لا لحاجة وضرورة ، بل بطروا وأشروا لما استغنوا ، وقوله تعالى : ( غدا ) يحتمل أن يكون المراد يوم القيامة ، ويحتمل أن يكون المراد يوم العذاب ، وهذا على الوجه الأول .