أما قوله تعالى : ( وللكافرين عذاب مهين ) ففيه مسائل :
المسألة الأولى : قوله : ( وللكافرين عذاب مهين ) له مزية على قوله ولهم عذاب مهين لأن العبارة الأولى يدخل فيها أولئك الكفار وغيرهم والعبارة الثانية لا يدخل فيها إلا هم .
المسألة الثانية : لا يكون مهينا لأن معنى ذلك أنه أهان غيره وذلك مما لا يتأتى إلا فيما يعقل ، فالله تعالى هو المهين للمعذبين بالعذاب الكثير إلا أن الإهانة لما حصلت مع العذاب جاز أن يجعل ذلك من وصفه ، فإن قيل : العذاب لا يكون إلا مع الإهانة فما الفائدة في هذا الوصف ؟ قلنا : كون العذاب مقرونا بالإهانة أمر لا بد فيه من الدليل ، فالله تعالى ذكر ذلك ليكون دليلا عليه . العذاب في الحقيقة
المسألة الثالثة : قال قوم : قوله تعالى : ( وللكافرين عذاب مهين ) يدل على أنه لا عذاب إلا للكافرين ، ثم بعد تقرير هذه المقدمة احتج بهذه الآية فريقان :
أحدهما : الخوارج قالوا : ثبت بسائر الآيات أن ، وثبت بهذه الآية أنه لا يعذب إلا الكافر فيلزم أن يقال الفاسق كافر . الفاسق يعذب
وثانيها : المرجئة قالوا : ثبت بهذه الآية أنه لا يعذب إلا الكافر وثبت أن الفاسق ليس بكافر ، فوجب القطع بأنه لا يعذب وفساد هذين القولين لا يخفى .