( المسألة الثانية ) : احتج أهل الإسلام بهذه الآية على أنه وأنه لا يمكن التوصل إليها بعلم النجوم والكهانة والعرافة ، ونظيره قوله تعالى : ( لا سبيل إلى معرفة المغيبات إلا بتعليم الله تعالى وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ) [الأنعام : 59] وقوله : ( عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول ) [الجن : 26 ، 27] وللمنجم أن يقول للمعتزلي : إذا فسرت التعليم بوضع الدلائل فعندي حركات النجوم دلائل خلقها الله تعالى على أحوال هذا العالم ، فإذا استدللت بها على هذه كان ذلك أيضا بتعليم الله تعالى ، ويمكن أن يقال أيضا إن الملائكة لما عجزوا عن معرفة الغيب ، فلأن يعجز عنه أحدنا كان أولى .
( المسألة الثالثة ) : ، والمبالغة التامة لا تتحقق إلا عند الإحاطة بكل المعلومات ، وما ذاك إلا هو سبحانه وتعالى ، فلا جرم ليس العليم المطلق إلا هو ، فلذلك قال ( العليم من صفات المبالغة التامة في العلم إنك أنت العليم الحكيم ) على سبيل الحصر .
( المسألة الرابعة ) : : الحكيم يستعمل على وجهين
أحدهما : بمعنى العليم فيكون ذلك من صفات الذات ، وعلى هذا التفسير نقول : إنه تعالى حكيم في الأزل .
الآخر : أنه الذي يكون فاعلا لما لا اعتراض لأحد عليه .
فيكون ذلك من صفات الفعل ، فلا نقول إنه حكيم في الأزل ، والأقرب ههنا أن يكون المراد هو المعنى الثاني وإلا لزم التكرار ، فكأن الملائكة قالت : أنت العالم بكل المعلومات فأمكنك تعليم آدم ، وأنت الحكيم في هذا الفعل المصيب فيه ، وعن : أن مراد الملائكة من الحكيم ، أنه هو الذي حكم بجعل ابن عباس آدم خليفة في الأرض .