المسألة الرابعة : قوله : ( بحمدك ) قال صاحب الكشاف : بحمدك في موضع الحال ، أي نسبح لك حامدين لك ، ومتلبسين بحمدك ، وأما المعنى ففيه وجهان : الأول : أنا إذا سبحناك فنحمدك سبحانك يعني ليس تسبيحنا تسبيحا من غير استحقاق ، بل تستحق بحمدك وجلالك هذا التسبيح .
الثاني : أنا نسبحك بحمدك فإنه لولا إنعامك علينا بالتوفيق لم نتمكن من ذلك كما قال داود عليه السلام : يا رب كيف أقدر أن أشكرك وأنا لا أصل إلى شكر نعمتك إلا بنعمتك ، فأوحى الله تعالى إليه : " الآن قد شكرتني حيث عرفت أن كل ذلك مني " ، واختلف العلماء في فروي المراد من هذا التسبيح أبا ذر دخل بالغداة على رسول الله صلى الله عليه وسلم أو بالعكس ، فقال يا رسول الله بأبي أنت وأمي : ؟ قال : ما اصطفاه الله لملائكته : " سبحان الله وبحمده " أي الكلام أحب إلى الله رواه أن مسلم ، وروى قال : " سعيد بن جبير كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي فمر رجل من المسلمين على رجل من المنافقين فقال له : رسول الله يصلي وأنت جالس لا تصلي ، فقال له : امض إلى عملك إن كان لك عمل ، فقال ما أظن إلا سيمر بك من ينكر عليك ، فمر عليه قال : يا فلان إن رسول الله يصلي وأنت جالس ، فقال له مثلها فوثب عليه فضربه ، وقال : هذا من عملي ثم دخل المسجد وصلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما فرغ رسول الله من صلاته قام إليه عمر بن الخطاب عمر فقال : يا نبي الله مررت آنفا على فلان وأنت تصلي وهو جالس ، فقلت له : نبي الله يصلي وأنت جالس ، فقال لي : مر إلى عملك ، فقال عليه الصلاة والسلام : هلا ضربت عنقه ، فقام عمر مسرعا ليلحقه فيقتله ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : يا عمر ارجع فإن غضبك عز ورضاك حكم ، إن لله في السماوات ملائكة له غنى بصلاتهم عن صلاة فلان ، فقال عمر يا رسول الله وما صلاتهم ؟ فلم يرد عليه شيئا ، فأتاه جبريل ، فقال : يا نبي الله سألك عمر عن صلاة أهل السماء ؟ قال : نعم ، قال : أقرئه مني السلام وأخبره بأن أهل سماء الدنيا سجود إلى يوم القيامة ، يقولون : سبحان ذي الملك والملكوت ، وأهل السماء الثانية قيام إلى يوم [ ص: 160 ] القيامة يقولون : سبحان ذي العزة والجبروت ، وأهل السماء الثالثة ركوع إلى يوم القيامة يقولون : سبحان الحي الذي لا يموت ، فهذا هو تسبيح الملائكة " .
القول الثاني : أن المراد بقوله : ( نسبح ) أي نصلي والتسبيح هو الصلاة ، وهو قول ابن عباس . وابن مسعود