المسألة التاسعة والثلاثون في المعنى :
: لأن المعنى عبارة عن الشيء الذي عناه العاني وقصده القاصد ، وذاك بالذات هو الأمور الذهنية ، وبالعرض الأشياء الخارجية ، فإذا قيل : إن القائل أراد بهذا اللفظ هذا المعنى ، فالمراد أنه قصد بذكر ذلك اللفظ تعريف ذلك الأمر المتصور . المعنى اسم للصورة الذهنية لا للموجودات الخارجية
المسألة الأربعون :
قد يقال في بعض المعاني : إنه لا يمكن تعريفها بالألفاظ ، مثل أنا ندرك بالضرورة تفرقة بين الحلاوة المدركة من النبات ، والحلاوة المدركة من الطبرزذ ، فيقال : إنه لا سبيل إلى تعريف هذه التفرقة بحسب اللفظ ، وأيضا ربما اتفق حصول أحوال في نفس بعض الناس ولا يمكنه تعريف تلك الحالة بحسب التعريفات اللفظية ، إذا عرفت هذا فنقول :
أما القسم الأول فالسبب فيه أن ما به يمتاز حلاوة النبات [ ص: 32 ] من حلاوة الطبرزذ ما وضعوا له في اللغة لفظة معينة ، بل لا يمكن ذكرها إلا على سبيل الإضافة مثل أن يقال حلاوة النبات وحلاوة الطبرزذ ، فلما لم توضع لتلك التفرقة لفظة مخصوصة لا جرم لا يمكن تعريفها باللفظ ، ولو أنهم وضعوا لها لفظة ، لقد كان يمكن تعريفها باللفظ على ذلك التقدير .
وأما القسم الثاني : وهو أن الإنسان إذا أدرك من نفسه حالة مخصوصة ، وسائر الناس ما أدركوا تلك الحالة المخصوصة استحال لهذا المدرك وضع لفظ لتعريفه ؛ لأن السامع ما لم يعرف المسمى أولا لم يمكنه أن يفهم كون هذا اللفظ موضوعا له ، فلما لم يحصل تصور تلك المعاني عند السامعين امتنع منهم أن يتصوروا كون هذه الألفاظ موضوعة لها ، فلا جرم امتنع تعريفها ، أما لو فرضنا أن جماعة تصوروا تلك المعاني ثم وضعوا لها ألفاظا مخصوصة ، فعلى هذا التقدير كان يمكن تعريف تلك الأحوال بالبيانات اللفظية - فهكذا يجب أن يتصور معنى ما يقال إن . كثيرا من المعاني لا يمكن تعريفها بالألفاظ