المسالة الثانية أنه تعالى أعاد تقرير أن كل أحد مختص بأثر على نفسه بقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=15ولا تزر وازرة وزر أخرى ) قال
الزجاج : يقال وزر يزر فهو وازر ، ووزر وزرا وزرة ، ومعناه أثم يأثم إثما قال وفي تأويل الآية وجهان :
الأول أن
nindex.php?page=treesubj&link=30530المذنب لا يؤاخذ بذنب غيره وأيضا غيره لا يؤاخذ بذنبه بل كل أحد مختص بذنب نفسه .
والثاني : أنه لا ينبغي أن يعمل الإنسان بالإثم لأن غيره عمله كما قال الكفار
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=23وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير [ الزخرف 32 ] .
واعلم أن الناس تمسكوا بهذه الآية في إثبات أحكام كثيرة
الحكم الأول :
قال
الجبائي : في الآية دلالة على
nindex.php?page=treesubj&link=30530أنه تعالى لا يعذب الأطفال بكفر آبائهم وإلا لكان الطفل مؤاخذا بذنب أبيه وذلك على خلاف ظاهر هذه الآية
الحكم الثاني :
روى
ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال " إن
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013076الميت ليعذب ببكاء أهله "
nindex.php?page=showalam&ids=25فعائشة طعنت في صحة هذا
[ ص: 138 ] الخبر واحتجت على صحة ذلك الطعن بقوله تعالى (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=15ولا تزر وازرة وزر أخرى ) فإن
nindex.php?page=treesubj&link=30530_32896تعذيب الميت بسبب بكاء أهله أخذ للإنسان بجرم غيره ، وذلك خلاف هذه الآية .
الحكم الثالث :
قال القاضي : دلت هذه الآية على أن
nindex.php?page=treesubj&link=28786الوزر والإثم ليس من فعل الله تعالى . وبيانه من وجوه :
أحدها : أنه لو كان كذلك لامتنع أن يؤاخذ العبد به كما لا يؤاخذ بوزر غيره .
وثانيها : أنه كان يجب ارتفاع الوزر أصلا ، لأن الوازر إنما يصح أن يوصف بذلك إذا كان مختارا يمكنه التحرز ، ولهذا المعنى لا يوصف الصبي بهذا .
الحكم الرابع :
أن جماعة من قدماء الفقهاء امتنعوا من ضرب
nindex.php?page=treesubj&link=30530_9355_9307الدية على العاقلة ، وقالوا : لأن ذلك يقتضي مؤاخذة الإنسان بسبب فعل الغير ، وذلك على مضادة هذه الآية .
وأجيب عنه بأن المخطئ ليس بمؤاخذ على ذلك الفعل ، فكيف يصير غيره مؤاخذا بسبب ذلك الفعل ، بل ذلك تكليف واقع على سبيل الابتداء من الله تعالى .
الْمُسَالَةُ الثَّانِيَةُ أَنَّهُ تَعَالَى أَعَادَ تَقْرِيرَ أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ مُخْتَصٌّ بِأَثَرٍ عَلَى نَفْسِهِ بِقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=15وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) قَالَ
الزَّجَّاجُ : يُقَالُ وَزَرَ يَزِرُ فَهُوَ وَازِرٌ ، وَوَزَرَ وِزْرًا وَزِرَةً ، وَمَعْنَاهُ أَثِمَ يَأْثَمُ إِثْمًا قَالَ وَفِي تَأْوِيلِ الْآيَةِ وَجْهَانِ :
الْأَوَّلُ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30530الْمُذْنِبَ لَا يُؤَاخَذُ بِذَنْبِ غَيْرِهِ وَأَيْضًا غَيْرُهُ لَا يُؤَاخَذُ بِذَنْبِهِ بَلْ كُلُّ أَحَدٍ مُخْتَصٌّ بِذَنْبِ نَفْسِهِ .
وَالثَّانِي : أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَعْمَلَ الْإِنْسَانُ بِالْإِثْمِ لِأَنَّ غَيْرَهُ عَمِلَهُ كَمَا قَالَ الْكُفَّارُ
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=23وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ [ الزُّخْرُفِ 32 ] .
وَاعْلَمْ أَنَّ النَّاسَ تَمَسَّكُوا بِهَذِهِ الْآيَةِ فِي إِثْبَاتِ أَحْكَامٍ كَثِيرَةٍ
الْحُكْمُ الْأَوَّلُ :
قَالَ
الْجُبَّائِيُّ : فِي الْآيَةِ دَلَالَةٌ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=30530أَنَّهُ تَعَالَى لَا يُعَذِّبُ الْأَطْفَالَ بِكُفْرِ آبَائِهِمْ وَإِلَّا لَكَانَ الطِّفْلُ مُؤَاخَذًا بِذَنْبِ أَبِيهِ وَذَلِكَ عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِ هَذِهِ الْآيَةِ
الْحُكْمُ الثَّانِي :
رَوَى
ابْنُ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ " إِنَّ
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013076الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ "
nindex.php?page=showalam&ids=25فَعَائِشَةُ طَعَنَتْ فِي صِحَّةٍ هَذَا
[ ص: 138 ] الْخَبَرِ وَاحْتَجَّتْ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ الطَّعْنِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=15وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) فَإِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30530_32896تَعْذِيبَ الْمَيِّتِ بِسَبَبِ بُكَاءِ أَهْلِهِ أَخْذٌ لِلْإِنْسَانِ بِجُرْمِ غَيْرِهِ ، وَذَلِكَ خِلَافُ هَذِهِ الْآيَةِ .
الْحُكْمُ الثَّالِثُ :
قَالَ الْقَاضِي : دَلَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28786الْوِزْرَ وَالْإِثْمَ لَيْسَ مِنْ فِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى . وَبَيَانُهُ مِنْ وُجُوهٍ :
أَحَدُهَا : أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَامْتَنَعَ أَنْ يُؤَاخَذَ الْعَبْدُ بِهِ كَمَا لَا يُؤَاخَذُ بِوِزْرِ غَيْرِهِ .
وَثَانِيهَا : أَنَّهُ كَانَ يَجِبُ ارْتِفَاعُ الْوِزْرِ أَصْلًا ، لِأَنَّ الْوَازِرَ إِنَّمَا يَصِحُّ أَنْ يُوصَفَ بِذَلِكَ إِذَا كَانَ مُخْتَارًا يُمْكِنُهُ التَّحَرُّزُ ، وَلِهَذَا الْمَعْنَى لَا يُوصَفُ الصَّبِيُّ بِهَذَا .
الْحُكْمُ الرَّابِعُ :
أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ قُدَمَاءَ الْفُقَهَاءِ امْتَنَعُوا مِنْ ضَرْبِ
nindex.php?page=treesubj&link=30530_9355_9307الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ ، وَقَالُوا : لِأَنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي مُؤَاخَذَةَ الْإِنْسَانِ بِسَبَبِ فِعْلِ الْغَيْرِ ، وَذَلِكَ عَلَى مُضَادَّةِ هَذِهِ الْآيَةِ .
وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الْمُخْطِئَ لَيْسَ بِمُؤَاخَذٍ عَلَى ذَلِكَ الْفِعْلِ ، فَكَيْفَ يَصِيرُ غَيْرُهُ مُؤَاخَذًا بِسَبَبِ ذَلِكَ الْفِعْلِ ، بَلْ ذَلِكَ تَكْلِيفٌ وَاقِعٌ عَلَى سَبِيلِ الِابْتِدَاءِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى .