[ ص: 63 ] ( وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وهو العزيز الحكيم ) .
قوله تعالى : ( وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وهو العزيز الحكيم ) .
في الآية مسائل :
المسألة الأولى : اعلم أنه تعالى لما ذكر في أول السورة : ( كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور ) كان هذا إنعاما على الرسول من حيث إنه فوض إليه هذا المنصب العظيم ، وإنعاما أيضا على الخلق من حيث إنه أرسل إليهم من خلصهم من ظلمات الكفر وأرشدهم إلى نور الإيمان ، فذكر في هذه الآية ما يجري مجرى تكميل النعمة والإحسان في الوجه ين. أما بالنسبة إلى الرسول عليه الصلاة والسلام ، فلأنه تعالى بين أن سائر الأنبياء كانوا مبعوثين إلى قومهم خاصة ، وأما أنت يا محمد فمبعوث إلى عامة الخلق ، فكان هذا الإنعام في حقك أفضل وأكمل ، وأما بالنسبة إلى عامة الخلق ، فهو أنه تعالى ذكر أنه ما بعث رسولا إلى قوم إلا بلسان أولئك القوم ، فإنه متى كان الأمر كذلك ، كان فهمهم لأسرار تلك الشريعة ووقوفهم على حقائقها أسهل ، وعن الغلط والخطأ أبعد ، فهذا هو وجه النظم.