(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=4وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=5فقد كذبوا بالحق لما جاءهم فسوف يأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون )
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=4nindex.php?page=treesubj&link=30549_28977وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين ) .
اعلم أنه لما تكلم أولا في التوحيد ، وثانيا في المعاد ، وثالثا فيما يقرر هذين المطلوبين ذكر بعده ما يتعلق بتقرير النبوة وبدأ فيه بأن بين كون هؤلاء الكفار معرضين عن تأمل الدلائل ، غير ملتفتين إليها وهذه الآية تدل على أن
nindex.php?page=treesubj&link=22311التقليد باطل ، والتأمل في الدلائل واجب ، ولولا ذلك لما ذم الله المعرضين عن الدلائل .
قال
الواحدي رحمه الله : من في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=4من آية ) لاستغراق الجنس الذي يقع في النفي كقولك : ما أتاني من أحد .
والثانية وهي قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=4من آيات ربهم ) للتبعيض ، والمعنى : وما يظهر لهم دليل قط من الأدلة التي يجب فيها النظر والاعتبار إلا كانوا عنه معرضين .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=5فقد كذبوا بالحق لما جاءهم فسوف يأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون ) .
اعلم أنه تعالى رتب أحوال هؤلاء الكفار على ثلاث مراتب ، فالمرتبة الأولى : كونهم معرضين عن التأمل في الدلائل والتفكر في البينات .
والمرتبة الثانية : كونهم مكذبين بها وهذه المرتبة أزيد مما قبلها ؛ لأن المعرض عن الشيء قد لا يكون مكذبا به ، بل يكون غافلا عنه غير متعرض له ، فإذا صار مكذبا به فقد زاد على الإعراض .
والمرتبة الثالثة : كونهم مستهزئين بها ؛ لأن المكذب بالشيء قد لا يبلغ تكذيبه به إلى حد الاستهزاء ، فإذا بلغ إلى هذا الحد فقد بلغ الغاية القصوى في الإنكار ، فبين تعالى أن أولئك الكفار وصلوا إلى هذه المراتب الثلاثة على هذا الترتيب ، واختلفوا في المراد بالحق ، فقيل : إنه المعجزات ؛ قال
ابن مسعود : انشق القمر
بمكة وانفلق فلقتين فذهبت فلقة وبقيت فلقة ، وقيل إنه القرآن ، وقيل : إنه
محمد صلى الله عليه وسلم ، وقيل : إنه الشرع الذي أتى به
محمد صلى الله عليه وسلم ، والأحكام التي جاء بها
محمد صلى الله عليه وسلم وقيل : إنه الوعد والوعيد الذي يرغبهم به تارة ويحذرهم بسببه أخرى ، والأولى دخول الكل فيه .
[ ص: 131 ] وأما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=5فسوف يأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون ) المراد منه الوعيد والزجر عن ذلك الاستهزاء ، فيجب أن يكون المراد بالأنباء لا نفس الأنباء بل العذاب الذي أنبأ الله تعالى به ، ونظيره قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=88ولتعلمن نبأه بعد حين ) [ القصص : 88 ] ، والحكيم إذا توعد فربما قال : ستعرف نبأ هذا الأمر إذ نزل بك ما تحذره ، وإنما كان كذلك ؛ لأن الغرض بالخبر الذي هو الوعيد حصول العلم بالعقاب الذي ينزل ، فنفس العقاب إذا نزل يحقق ذلك الخبر ، حتى تزول عنه الشبهة ، ثم المراد من هذا العذاب يحتمل أن يكون عذاب الدنيا ، وهو الذي ظهر يوم
بدر ويحتمل أن يكون عذاب الآخرة .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=4وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=5فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ )
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=4nindex.php?page=treesubj&link=30549_28977وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ ) .
اعْلَمْ أَنَّهُ لَمَّا تَكَلَّمَ أَوَّلًا فِي التَّوْحِيدِ ، وَثَانِيًا فِي الْمَعَادِ ، وَثَالِثًا فِيمَا يُقَرِّرُ هَذَيْنِ الْمَطْلُوبَيْنِ ذَكَرَ بَعْدَهُ مَا يَتَعَلَّقُ بِتَقْرِيرِ النُّبُوَّةِ وَبَدَأَ فِيهِ بِأَنْ بَيَّنَ كَوْنَ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارِ مُعْرِضِينَ عَنْ تَأَمُّلِ الدَّلَائِلِ ، غَيْرَ مُلْتَفِتِينَ إِلَيْهَا وَهَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=22311التَّقْلِيدَ بَاطِلٌ ، وَالتَّأَمُّلَ فِي الدَّلَائِلِ وَاجِبٌ ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمَا ذَمَّ اللَّهُ الْمُعْرِضِينَ عَنِ الدَّلَائِلِ .
قَالَ
الْوَاحِدِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : مِنْ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=4مِنْ آيَةٍ ) لِاسْتِغْرَاقِ الْجِنْسِ الَّذِي يَقَعُ فِي النَّفْيِ كَقَوْلِكَ : مَا أَتَانِي مِنْ أَحَدٍ .
وَالثَّانِيَةُ وَهِيَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=4مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ ) لِلتَّبْعِيضِ ، وَالْمَعْنَى : وَمَا يَظْهَرُ لَهُمْ دَلِيلٌ قَطُّ مِنَ الْأَدِلَّةِ الَّتِي يَجِبُ فِيهَا النَّظَرُ وَالِاعْتِبَارُ إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=5فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ) .
اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى رَتَّبَ أَحْوَالَ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارِ عَلَى ثَلَاثِ مَرَاتِبَ ، فَالْمَرْتَبَةُ الْأُولَى : كَوْنُهُمْ مُعْرِضِينَ عَنِ التَّأَمُّلِ فِي الدَّلَائِلِ وَالتَّفَكُّرِ فِي الْبَيِّنَاتِ .
وَالْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ : كَوْنُهُمْ مُكَذِّبِينَ بِهَا وَهَذِهِ الْمَرْتَبَةُ أَزْيَدُ مِمَّا قَبْلَهَا ؛ لِأَنَّ الْمُعْرِضَ عَنِ الشَّيْءِ قَدْ لَا يَكُونُ مُكَذِّبًا بِهِ ، بَلْ يَكُونُ غَافِلًا عَنْهُ غَيْرَ مُتَعَرِّضٍ لَهُ ، فَإِذَا صَارَ مُكَذِّبًا بِهِ فَقَدْ زَادَ عَلَى الْإِعْرَاضِ .
وَالْمَرْتَبَةُ الثَّالِثَةُ : كَوْنُهُمْ مُسْتَهْزِئِينَ بِهَا ؛ لِأَنَّ الْمُكَذِّبَ بِالشَّيْءِ قَدْ لَا يَبْلُغُ تَكْذِيبُهُ بِهِ إِلَى حَدِّ الِاسْتِهْزَاءِ ، فَإِذَا بَلَغَ إِلَى هَذَا الْحَدِّ فَقَدْ بَلَغَ الْغَايَةَ الْقُصْوَى فِي الْإِنْكَارِ ، فَبَيَّنَ تَعَالَى أَنَّ أُولَئِكَ الْكُفَّارَ وَصَلُوا إِلَى هَذِهِ الْمَرَاتِبِ الثَّلَاثَةِ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ ، وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُرَادِ بِالْحَقِّ ، فَقِيلَ : إِنَّهُ الْمُعْجِزَاتُ ؛ قَالَ
ابْنُ مَسْعُودٍ : انْشَقَّ الْقَمَرُ
بِمَكَّةَ وَانْفَلَقَ فِلْقَتَيْنِ فَذَهَبَتْ فِلْقَةٌ وَبَقِيَتْ فِلْقَةٌ ، وَقِيلَ إِنَّهُ الْقُرْآنُ ، وَقِيلَ : إِنَّهُ
مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقِيلَ : إِنَّهُ الشَّرْعُ الَّذِي أَتَى بِهِ
مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالْأَحْكَامُ الَّتِي جَاءَ بِهَا
مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقِيلَ : إِنَّهُ الْوَعْدُ وَالْوَعِيدُ الَّذِي يُرَغِّبُهُمْ بِهِ تَارَةً وَيُحَذِّرُهُمْ بِسَبَبِهِ أُخْرَى ، وَالْأَوْلَى دُخُولُ الْكُلِّ فِيهِ .
[ ص: 131 ] وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=5فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ) الْمُرَادُ مِنْهُ الْوَعِيدُ وَالزَّجْرُ عَنْ ذَلِكَ الِاسْتِهْزَاءِ ، فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْأَنْبَاءِ لَا نَفْسَ الْأَنْبَاءِ بَلِ الْعَذَابُ الَّذِي أَنْبَأَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=88وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ ) [ الْقَصَصِ : 88 ] ، وَالْحَكِيمُ إِذَا تَوَعَّدَ فَرُبَّمَا قَالَ : سَتَعْرِفُ نَبَأَ هَذَا الْأَمْرِ إِذْ نَزَلَ بِكَ مَا تَحْذَرُهُ ، وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ بِالْخَبَرِ الَّذِي هُوَ الْوَعِيدُ حُصُولُ الْعِلْمِ بِالْعِقَابِ الَّذِي يَنْزِلُ ، فَنَفْسُ الْعِقَابِ إِذَا نَزَلَ يُحَقِّقُ ذَلِكَ الْخَبَرَ ، حَتَّى تَزُولَ عَنْهُ الشُّبْهَةُ ، ثُمَّ الْمُرَادُ مِنْ هَذَا الْعَذَابِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَذَابَ الدُّنْيَا ، وَهُوَ الَّذِي ظَهَرَ يَوْمَ
بَدْرٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَذَابَ الْآخِرَةِ .