المسألة السادسة : في بيان أن ، قال قراء التسمية هل هي من القرآن وأنها آية من الفاتحة المدينة والبصرة وفقهاء الكوفة : إنها ليست من الفاتحة ، وقال قراء مكة والكوفة وأكثر فقهاء الحجاز : إنها آية من الفاتحة ، وهو قول ابن المبارك ، ويدل عليه وجوه : والثوري
الحجة الأولى : روى رضي الله عنه ، عن الشافعي مسلم ، عن ، عن ابن جريج ، عن ابن أبي مليكة أنها قالت : أم سلمة . وهذا نص صريح . قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتحة الكتاب ، فعد بسم الله الرحمن الرحيم آية ، الحمد لله رب العالمين آية ، الرحمن الرحيم آية ، مالك يوم الدين آية ، إياك نعبد وإياك نستعين آية ، اهدنا الصراط المستقيم آية ، صراط [ ص: 162 ] الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين آية
الحجة الثانية : روى ، عن أبيه ، عن سعيد المقبري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أبي هريرة . فاتحة الكتاب سبع آيات أولاهن بسم الله الرحمن الرحيم
الحجة الثالثة : روى الثعلبي في تفسيره بإسناده عن أبي بريدة عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سليمان بن داود غيري ، فقلت : بلى ، فقال : بأي شيء تفتتح القرآن إذا افتتحت الصلاة ؟ قلت : ببسم الله الرحمن الرحيم ، قال : هي هي . فهذا الحديث يدل على أن التسمية من القرآن . ألا أخبرك بآية لم تنزل على أحد بعد
الحجة الرابعة : روى الثعلبي بإسناده عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : كيف تقول إذا قمت إلى الصلاة ؟ قال : أقول الحمد لله رب العالمين ، قال : قل : بسم الله الرحمن الرحيم جابر بن عبد الله .
وروى أيضا بإسناده عن أم سلمة . أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين
وروى أيضا بإسناده عن عليه السلام أنه كان إذا افتتح السورة في الصلاة يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ، وكان يقول : من ترك قراءتها فقد نقص . علي بن أبي طالب
وروى أيضا بإسناده عن ، عن سعيد بن جبير في قوله : ( ابن عباس ولقد آتيناك سبعا من المثاني ) [ الحجر : 87 ] قال : فاتحة الكتاب ، فقيل : فأين السابعة ؟ فقال : بسم الله الرحمن الرحيم . لابن عباس
وبإسناده عن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : أبي هريرة إذا قرأتم أم القرآن فلا تدعوا بسم الله الرحمن الرحيم ، فإنها إحدى آياتها .
وبإسناده أيضا عن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أبي هريرة . يقول الله تعالى : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ، فإذا قال العبد : بسم الله الرحمن الرحيم قال الله سبحانه مجدني عبدي ، وإذا قال : الحمد لله رب العالمين قال الله تبارك وتعالى : حمدني عبدي ، وإذا قال : الرحمن الرحيم قال الله عز وجل : أثنى علي عبدي ، وإذا قال : مالك يوم الدين قال الله : فوض إلي عبدي ، وإذا قال : إياك نعبد وإياك نستعين قال الله تعالى : هذا بيني وبين عبدي ، وإذا قال : اهدنا الصراط المستقيم قال الله تعالى : هذا لعبدي ولعبدي ما سأل
وبإسناده عن قال : أبي هريرة كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم يحدث أصحابه إذ دخل رجل يصلي ، فافتتح الصلاة وتعوذ ثم قال : الحمد لله رب العالمين ، فسمع النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ، فقال له : يا رجل ، قطعت على نفسك الصلاة ، أما علمت أن بسم الله الرحمن الرحيم من الحمد ، من تركها فقد ترك آية منها ، ومن ترك آية منها فقد قطع صلاته ، فإنه لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب ، فمن ترك آية منها فقد بطلت صلاته .
وبإسناده عن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : طلحة بن عبيد الله من ترك بسم الله الرحمن الرحيم فقد ترك آية من كتاب الله .
[ ص: 163 ] واعلم أني نقلت جملة هذه الأحاديث من تفسير الشيخ رحمه الله . أبي إسحاق الثعلبي
الحجة الخامسة : قراءة بسم الله الرحمن الرحيم واجبة في أول الفاتحة ، وإذا كان كذلك وجب أن تكون آية منها ، بيان الأول قوله تعالى : ( اقرأ باسم ربك ) [ العلق : 1 ] ولا يجوز أن يقال : الباء صلة زائدة ؛ لأن الأصل أن يكون لكل حرف من كلام الله تعالى فائدة ، وإذا كان هذا الحرف مفيدا كان التقدير : اقرأ مفتتحا باسم ربك ، وظاهر الأمر للوجوب ، ولم يثبت هذا الوجوب في غير القراءة في الصلاة ، فوجب إثباته في القراءة في الصلاة صونا للنص عن التعطيل .
الحجة السادسة : التسمية مكتوبة بخط القرآن ، ، ألا ترى أنهم منعوا من كتابة أسامي السور في المصحف ، ومنعوا من العلامات على الأعشار والأخماس ، والغرض من ذلك كله أن يمنعوا من أن يختلط بالقرآن ما ليس منه ، فلو لم تكن التسمية من القرآن لما كتبوها بخط القرآن ، ولما أجمعوا على كتابتها بخط القرآن علمنا أنها من القرآن . وكل ما ليس من القرآن فإنه غير مكتوب بخط القرآن
الحجة السابعة : أجمع المسلمون على أن ما بين الدفتين كلام الله ، والتسمية موجودة بين الدفتين ، فوجب جعلها من كلام الله تعالى ؛ ولهذا السبب حكينا أن يعلى لما أورد هذا الكلام على محمد بن الحسن بقي ساكتا .
واعلم أن مذهب أن التسمية من القرآن ، ولكنها ليست آية من سورة الفاتحة ، بل المقصود من تنزيلها إظهار الفصل بين السور ، وهذان الدليلان لا يبطلان قول أبي بكر الرازي . أبي بكر الرازي
الحجة الثامنة : أطبق الأكثرون على أن ، إلا أن سورة الفاتحة سبع آيات رضي الله تعالى عنه قال : قوله : " بسم الله الرحمن الرحيم " آية واحدة ، وقوله : ( الشافعي صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين ) آية واحدة ، وأما - رحمه الله تعالى - فإنه قال : بسم الله ليس بآية منها ، لكن قوله : ( أبو حنيفة صراط الذين أنعمت عليهم ) آية ، وقوله : ( غير المغضوب عليهم ولا الضالين ) آية أخرى ، وسنبين في مسألة مفردة أن قول مرجوح ضعيف ، فحينئذ يبقى أن الآيات لا تكون سبعا إلا إذا اعتقدنا أن قوله : بسم الله الرحمن الرحيم آية منها تامة . أبي حنيفة