( فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا والله أشد بأسا وأشد تنكيلا ) .
قوله تعالى : ( فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا والله أشد بأسا وأشد تنكيلا ) .
اعلم أنه تعالى لما أمر بالجهاد ورغب فيه أشد الترغيب في الآيات المتقدمة ، ، عاد في هذه الآية إلى الأمر بالجهاد فقال : ( وذكر في المنافقين قلة رغبتهم في الجهاد ، بل ذكر عنهم شدة سعيهم في تثبيط المسلمين عن الجهاد فقاتل في سبيل الله ) وفي الآية مسائل :
المسألة الأولى : الفاء في قوله : ( فقاتل ) بماذا تتعلق ؟ فيه وجوه :
الأول : أنها جواب لقوله : ( ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل ) [ النساء : 74 ] من طريق المعنى لأنه يدل على معنى إن أردت الفوز فقاتل .
الثاني : أن يكون متصلا بقوله : ( وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله ) ، ( فقاتل في سبيل الله ) .
والثالث : أن يكون متصلا بمعنى ما ذكر من قصص المنافقين ، والمعنى أن من أخلاق هؤلاء المنافقين كذا وكذا ، فلا تعتد بهم ولا تلتفت إلى أفعالهم ، بل قاتل .
المسألة الثانية : دلت الآية على أن الله تعالى أمره بالجهاد ولو وحده قبل دعاء الناس في بدر الصغرى إلى الخروج ، وكان أبو سفيان واعد الرسول صلى الله عليه وسلم اللقاء فيها ، فكره بعض الناس أن يخرجوا ، فنزلت هذه الآية ، فخرج وما معه إلا سبعون رجلا ولم يلتفت إلى أحد ، ولو لم يتبعوه لخرج وحده .
المسألة الثالثة : دلت الآية على أنه لأنه تعالى ما كان يأمره بذلك إلا وهو صلى الله عليه وسلم موصوف بهذه الصفات ، ولقد اقتدى به صلى الله عليه وسلم كان أشجع الخلق وأعرفهم بكيفية القتال أبو بكر رضي الله عنه حيث حاول الخروج وحده إلى قتال مانعي الزكاة ، ومن علم أن الأمر كله بيد الله وأنه لا يحصل أمر من الأمور إلا بقضاء الله سهل ذلك عليه .