أما قوله : ( من دونكم ) ففيه مسائل :
المسألة الأولى : من دونكم أي من دون المسلمين ومن غير أهل ملتكم ، ولفظ ( من دونكم ) يحسن حمله على هذا الوجه كما يقول الرجل : قد أحسنتم إلينا وأنعمتم علينا ، وهو يريد أحسنتم إلى إخواننا ، وقال تعالى : ( ويقتلون النبيين بغير حق ) [ آل عمران : 21 ] أي آباؤهم فعلوا ذلك .
المسألة الثانية : في قوله : ( من دونكم ) احتمالان . أحدهما : أن يكون متعلقا بقوله : ( لا تتخذوا ) أي لا تتخذوا من دونكم بطانة . والثاني : أن يجعل وصفا للبطانة ، والتقدير : بطانة كائنات من دونكم .
فإن قيل : ما لا تتخذوا بطانة من دونكم ) ؟ الفرق بين قوله : لا تتخذوا من دونكم بطانة ، وبين قوله : (
قلنا : قال : إنهم يقدمون الأهم والذي هم بشأنه أعنى ، وهاهنا ليس المقصود اتخاذ البطانة إنما المقصود أن يتخذ منهم بطانة فكان قوله : لا تتخذوا من دونكم بطانة أقوى في إفادة المقصود . سيبويه
المسألة الثالثة : قيل ( من ) زائدة ، وقيل للنبيين : لا تتخذوا بطانة من دون أهل ملتكم . فإن قيل : هذه الآية تقتضي المنع من على الإطلاق ، وقال تعالى : ( مصاحبة الكفار لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم ) [ الممتحنة : 8 ] ( إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم ) [ الممتحنة : 9 ] فكيف الجمع بينهما ؟ قلنا : لا شك أن . الخاص يقدم على العام