المسألة الخامسة : روي عن أن أبي العالية وهو أيضا منقول عن الله سبحانه إنما حد العدة بهذا القدر لأن الولد ينفخ فيه الروح في العشر بعد الأربعة، . الحسن البصري
المسألة السادسة : اعلم أن هذه إلا في صورتين : العدة واجبة في كل امرأة مات عنها زوجها
إحداهما : أن تكون أمة فإنها تعتد عند أكثر الفقهاء نصف عدة الحرة، وقال أبو بكر الأصم : عدتها عدة الحرائر، وتمسك بظاهر الآية، وأيضا الله تعالى جعل وضع الحمل في حق الحامل بدلا عن هذه المدة، ثم وضع الحمل مشترك فيه بين الحرة والرقيقة، فكذا الاعتداد بهذه المدة يجب أن يشتركا فيه، وسائر الفقهاء قالوا : التنصيف في هذه المدة ممكن، وفي وضع الحمل غير ممكن، فظهر الفرق.
الصورة الثانية : أن يكون المراد : فإذا وضعت الحمل حلت، وإن كان بعد وفاة الزوج بساعة، وعن إن كانت حاملا فإن عدتها تنقضي بوضع الحمل، علي عليه السلام : تتربص أبعد الأجلين، والدليل عليه القرآن والسنة.
[ ص: 109 ]
أما القرآن فقوله تعالى : ( وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ) [الطلاق : 4] ومن الناس من جعل هذه الآية مخصصة لعموم قوله تعالى : ( والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا ) لم يقل بذلك لوجهين : والشافعي
الأول : أن كل واحدة من هاتين الآيتين أعم من الأخرى من وجه ، وأخص منها من وجه؛ لأن الحامل قد يتوفى عنها زوجها وقد لا يتوفى، كما أن التي توفي عنها زوجها قد تكون حاملا وقد لا تكون، ولما كان الأمر كذلك امتنع جعل إحدى الآيتين مخصصة للأخرى .
والثاني : أن قوله : ( وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ) [الطلاق : 4] إنما ورد عقيب ذكر المطلقات، فربما يقول قائل : هي في المطلقة ، لا في المتوفى عنها زوجها. فلهذين السببين لم يعول في الباب على القرآن، وإنما عول على السنة، وهي ما روى الشافعي أبو داود بإسناده سبيعة بنت الحارث الأسلمية كانت تحت سعد بن خولة، فتوفي عنها في حجة الوداع وهي حامل، فولدت بعد وفاة زوجها بنصف شهر، فلما طهرت من دمها تجملت للخطاب، فقال لها بعض الناس : ما أنت بناكح حتى تمر عليك أربعة أشهر وعشر، قالت سبيعة : فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأفتاني بأني قد حللت حين وضعت حملي، فأمرني بالتزوج إن بدا لي . أن
إذا عرفت هذا الأصل فهاهنا تفاريع :
الأول : . وقال لا فرق في عدة الوفاة بين الصغيرة والكبيرة : لا عدة عليها قبل الدخول . وهذا قول متروك ؛ لأن الآية عامة في حق الكل. ابن عباس
الحكم الثاني : إذا تمت أربعة أشهر وعشر انقضت عدتها، وإن لم تر عادتها من الحيض فيها . وقال مالك : لا تنقضي عدتها حتى ترى عادتها من الحيض في تلك الأيام، مثلا إن كانت عادتها أن تحيض في كل شهر مرة فعليها في عدة الوفاة أربع حيض، وإن كانت عادتها أن تحيض في كل شهرين مرة فعليها حيضتان، وإن كانت عادتها أن تحيض في كل أربعة أشهر مرة فعليها حيضة واحدة، وإن كانت عادتها أن تحيض في كل خمسة أشهر مرة فهاهنا تكفيها الشهور . حجة رحمه الله أن هذه الآية دلت على أنه تعالى أمر المتوفى عنها زوجها بهذه المدة ولم يزد على هذا القدر ، فوجب أن يكون هذا القدر كافيا، ثم قال الشافعي : إنها إن ارتابت استبرأت نفسها من الريبة، كما أن ذات الأقراء لو ارتابت وجب عليها أن تحتاط. الشافعي
الحكم الثالث : إذا مات الزوج فإن كان بقي من شهر الوفاة أكثر من عشرة أيام فالشهر الثاني والثالث والرابع يؤخذ بالأهلة ، سواء خرجت كاملة أو ناقصة، ثم تكمل الشهر الأول بالخامس ثلاثين يوما، ثم تضم إليها عشرة أيام، وإن مات وقد بقي من الشهر أقل من عشرة أيام اعتبر أربعة أشهر بعد ذلك بالأهلة وكمل العشر من الشهر السادس.