قال الشيخ رحمه الله : كان - رضي الله تعالى عنه - للدين معلنا ، ولأعمال البر مبطنا ، وقد قيل : إن التصوف الوصول بما علن إلى ظهور ما بطن .
حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ، ثنا ، ثنا عمي محمد بن عثمان بن أبي شيبة أبو بكر بن أبي شيبة ، ثنا يحيى بن يعلى الأسلمي ، عن عبد الله بن المؤمل ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، قال : [ ص: 40 ] : كان أول إسلامي أن ضرب أختي المخاض ، فأخرجت من البيت فدخلت في أستار عمر بن الخطاب الكعبة في ليلة قارة ، فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فدخل الحجر وعليه نعلاه ، فصلى ما شاء الله ثم انصرف ، قال : فسمعت شيئا لم أسمع مثله . قال : فخرجت فاتبعته ، فقال : من هذا ؟ قلت : عمر ، قال : " عمر ما تتركني ليلا ولا نهارا ؟ " فخشيت أن يدعو علي فقلت : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله . قال : فقال : " يا يا عمر استره " . قال : فقلت : والذي بعثك بالحق لأعلننه كما أعلنت الشرك . قال
حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ، ثنا ، ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة عبد الحميد بن صالح ، ثنا محمد بن أبان ، عن إسحاق بن عبد الله ، عن أبان بن صالح ، عن مجاهد ، عن ، قال : ابن عباس سألت عمر - رضي الله تعالى عنه - ؟ قال : أسلم لأي شيء سميت الفاروق حمزة قبلي بثلاثة أيام ، ثم شرح الله صدري للإسلام ، فقلت : الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى ، فما في الأرض نسمة أحب إلي من نسمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلت : أين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قالت أختي : هو في دار عند الأرقم بن الأرقم الصفا ، فأتيت الدار وحمزة في أصحابه جلوس في الدار ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في البيت ، فضربت الباب فاستجمع القوم ، فقال لهم حمزة : ما لكم ؟ قالوا : عمر ، قال : فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخذ بمجامع ثيابه ثم نثره ، فما تمالك أن وقع على ركبته ، فقال : ما أنت بمنته يا عمر ؟ قال : فقلت : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله . قال : فكبر أهل الدار تكبيرة سمعها أهل المسجد ، قال : فقلت : يا رسول الله ألسنا على الحق إن متنا وإن حيينا ؟ قال : " بلى ، والذي نفسي بيده إنكم على الحق إن متم وإن حييتم " ، قال : فقلت : ففيم الاختفاء ؟ والذي بعثك بالحق لتخرجن ، فأخرجناه في صفين حمزة في أحدهما ، وأنا في الآخر ، له كديد ككديد الطحين حتى دخلنا المسجد ، قال : فنظرت إلي قريش وإلى حمزة فأصابتهم كآبة لم يصبهم مثلها ، فسماني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ الفاروق . وفرق الله به بين الحق والباطل .
حدثنا أبو بكر الطلحي ، ثنا أبو حصين القاضي الوادعي ، ثنا يحيى بن [ ص: 41 ] عبد الحميد ، ثنا حصين بن عمر ، ثنا مخارق ، عن طارق ، عن - رضي الله تعالى عنه - قال : عمر بن الخطاب ، وكنت رابع أربعين رجلا ، فأظهر الله دينه ، ونصر نبيه ، وأعز الإسلام . لقد رأيتني وما أسلم مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا تسعة وثلاثون رجلا
قال يحيى : وحدثني أبي ، عن عمه عبد الرحمن بن صفوان ، عن طارق ، عن عمر - رضي الله تعالى عنه - مثله .
حدثنا ، ثنا أبو عمرو بن حمدان ، ثنا الحسن بن سفيان علي بن ميمون العطار ، والحسن البزاز ، قالا : ثنا إسحاق بن إبراهيم الحنيني ، ثنا أسامة بن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن جده ، قال : قال لنا عمر - رضي الله تعالى عنه - : أتحبون أن أعلمكم أول إسلامي ، قلنا : نعم ، قال : كنت من أشد الناس عداوة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في دار عند الصفا فجلست بين يديه ، فأخذ بمجمع قميصي ثم قال : " ابن الخطاب ، اللهم اهده أسلم يا " ، قال : فقلت : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أنك رسول الله ، قال : فكبر المسلمون تكبيرة سمعت في طرقمكة ، قال : وقد كانوا مستخفين ، وكان الرجل إذا أسلم تعلق الرجال به فيضربونه ويضربهم ، فجئت إلى خالي فأعلمته ، فدخل البيت وأجاف الباب . قال : وذهبت إلى رجل من كبار قريش فأعلمته ، ودخل البيت ، فقلت في نفسي : ما هذا بشيء ، الناس يضربون وأنا لا يضربني أحد . فقال رجل : أتحب أن يعلم بإسلامك ، قلت : نعم ، قال : إذا جلس الناس في الحجر فائت فلانا وقل له : صبوت ، فإنه قل ما يكتم سرا ، فجئته ، فقلت : تعلم أني قد صبوت ؟ ، فنادى بأعلى صوته : إن ابن الخطاب قد صبأ ، فما زالوا يضربونني وأضربهم ، فقال خالي : يا قوم إني قد أجرت ابن أختي فلا يمسه أحد ، فانكشفوا عني ، فكنت لا أشاء أن أرى أحدا من المسلمين يضرب إلا رأيته ، فقلت : الناس يضربون ولا أضرب ، فلما جلس الناس في الحجر أتيت خالي ، قال : فقلت : تسمع ؟ قال : ما أسمع ؟ قلت : جوارك رد عليك ، قال : لا تفعل ، قال : فأبيت ، قال : فما شئت ، فما زلت أضرب وأضرب حتى أظهر الله تعالى الإسلام .
قال الشيخ رحمه الله : كان - رضي الله تعالى عنه - مخصصا بالسكينة في [ ص: 42 ] الإنطاق ، ومحرزا من القطيعة والفراق ، ومشهرا في الأحكام بالإصابة والوفاق ، وقد قيل : إن التصوف الموافقة للحق ، والمفارقة للخلق .