قال الشيخ : وممن عرف من متقدمي البغداديين بالنسك والتحقيق بالتصوف أبو هاشم فديم ، جلس إليه فحمد طريقته وملازمته للصفاء والوفاء ، لا نحفظ من كلامه شيئا إلا ما حكاه عنه سفيان الثوري ، أنه قال : الثوري أبا هاشم ، فأخذت منه ترك الرياء ، وبلغني أنه رأى ما زلت أرائي وأنا لا أشعر إلى أن جالست خارجا من دار شريك بن عبد الله القاضي يحيى البرمكي يطرق بين يديه ، فقال : أعوذ بالله من علم يورث هذا ، ويفضي بصاحبه إلى ما أرى .
سمعت عبد المنعم بن عمر ، يقول : سمعت أبا سعيد بن زياد الأعرابي ، يقول : ثنا محمد بن المؤمل القرشي ، ثنا أبو هاشم محمد بن سعيد أبو علي ، قال : سمعت أبي ، يقول : " بينا أنا أطوف بالكعبة ليلا إذ أنا بأعرابية تقود أعرابيا مكفوفا ، وهو يقول :
أنت في موضع البعيد قريب من منيب إلى رضاك يؤوب تسمع الصوت حيث لا يسمع الص
وت ومن حيث ما دعاك تجيب ليس إلا بك النفوس تطيب
يا شفاء السقام أنت الطبيب كل وصل خلاف وصلك زور
من يرد من حنان وجهك مرعى كل حب خلاف حبك حوب
يلقه من لدنك مرعى خصيب أو حوى قلبه المحبة إلا
وهو لا شك عندك المحبوب أنت روح القلوب أنت غناها
بك تحيا وتستريح القلوب بك يدنو البعيد من كل أمر
بك ينأى عن الذنوب القريب
[ ص: 113 ]