ولما فرغ من الكلام على أحكام المفقود شرع في الكلام على ، وأخره عن ميراث الذكورة والأنوثة المحققين [ ص: 489 ] لتوقف معرفة ميراثه على معرفة مقدار ميراثهما وحقيقة الخنثى سواء كان مشكلا أم لا من له آلة ذكر وآلة امرأة وقيل يوجد منه نوع ليس له واحدة منهما وله مكان يبول منه ولا يتصور شرعا أن يكون أبا أو أما أو جدا أو جدة أو زوجا أو زوجة ; لأنه لا يجوز مناكحته ما دام مشكلا وهو منحصر في سبعة أصناف الأولاد وأولادهم والإخوة وأولادهم والأعمام وأولادهم والموالي ، وأشار إرث الخنثى المشكل المصنف إلى قدر ميراثه إذا كان يختلف حاله بالذكورة والأنوثة بقوله ( وللخنثى المشكل ) الذي لم تتضح ذكورته ولا أنوثته بعلامة تميزه ( نصف نصيبي ذكر وأنثى ) أي يأخذ [ ص: 490 ] نصف نصيبه حال فرضه ذكرا وحال فرضه أنثى لا أنه يعطى نصف نصيب الذكر المحقق الذكورة المقابل له ونصف نصيب الأنثى المحققة الأنوثة المقابلة له فإذا كان على تقدير كونه ذكرا سهمان وعلى تقدير كونه أنثى سهم فإنه يعطى نصف نصيب الذكر وهو سهم ونصف نصيب الأنثى وهو نصف سهم ومجموع ذلك سهم ونصف ، وهذا إذا كان يرث بالجهتين وكان إرثه بهما مختلفا كابن أو ابن ابن ، وأما لو ورث بالذكورة فقط كالعم وابنه فله نصفها فقط إذ لو قدر عمة لم ترث ، وإن ورث بالأنوثة فقط كالأخت في الأكدرية أعطي نصف نصيبها إذ لو قدر ذكرا لم يعل له ولو اتحد نصيبه على تقدير ذكورته وأنوثته ككونه أخا لأم أو معتقا أعطي السدس إن اتحد والثلث مع غيره إن تعدد في الأول ، وأخذ جميع المال في الثاني وقد يرث بالأنوثة أكثر فمسألة الذكورة كما ذكر كزوج وأخ لأم ، وأخ لأب خنثى المصنف من ستة والأنوثة كذلك وتعول لسبعة والحاصل منهما اثنان ، وأربعون يضرب في حالتيه بأربعة وثمانين وقد يشعر بالقيدين المذكورين قوله نصيبي ذكر وأنثى وقوله الآتي على التقديرات ، وقد علم مما ذكرنا أن له خمسة أحوال حال يرث بالجهتين إلا أن إرثه بالذكورة أكثر لكونه ابنا أو أخا شقيقا أو لأب ، الثاني أنه يرث على أنه ذكر فقط لكونه عما ، والثالث عكسه والرابع مساواة إرثه ذكورة وأنوثة والخامس إرثه بالأنوثة أكثر وقد علمت أمثلتها .
قوله وللخنثى أي جنس الخنثى الصادق بالواحد والمتعدد إلا أنه إذا تعدد تضاعفت الأحوال وبتضعيفها يحصل لكل نصف نصيبي ذكر وأنثى وقوله وللخنثى خبر مقدم وقوله نصف إلخ مبتدأ مؤخر فيفيد أنه لا يوقف القسم للاتضاح [ ص: 491 ] وهو المشهور واستأنف استئنافا بيانيا لبيان كيفية العمل الموصل لما ذكر ، وإن كان في بعضه حذف يتبين بالشرح فقال ( تصحح ) أيها القاسم ( المسألة ) أي تعملها على وجه التصحيح ( على ) جنس ( التقديرات ) فيشمل التقديرين كمثاله الأول والأربع تقديرات كمثاله الثاني أو أراد بالجمع ما فوق الواحد أي تصححها على تقدير أنه ذكر محقق وعلى تقدير أنه أنثى محققة ( ثم ) بعد تصحيح المسألة على الذكورة فقط والأنوثة فقط تنظر بين المسألتين أو المسائل بالأنظار الأربعة المتقدمة التماثل والتداخل والتوافق والتباين فإن كان توافق ( تضرب الوفق ) أي وفق أحد المسألتين في كل الأخرى ( أو ) كان تباين تضرب ( الكل ) في كل الأخرى فقد حذف المضروب فيه ، وإن تماثلتا اكتفيت بإحداهما ، وإن تداخلتا اكتفيت بكبراهما .
وسكت المصنف عن هذين لسهولتهما أو علمهما من ذكر أخويهما ( ثم ) تضرب ما تحصل ( في حالتي الخنثى ) تذكيره وتأنيثه إن كان واحدا كمثاله الأول وفي أحواله إن تعددت كمثاله الثاني ( وتأخذ ) بعد عملك المذكور ( من كل نصيب ) مما اجتمع ما يجب أن يؤخذ فالمفعول محذوف ، ثم استأنف لبيان أخذ ما يجب أخذه قوله ( من الاثنين ) فهو معمول لمحذوف أي تأخذ من الاثنين أي الحالين المشتمل عليهما الخنثى الواحد ( النصف ) إذ هو نسبة الواحد الهوائي المسمى بمفرد التقديرات إلى الاثنين [ ص: 492 ] ( و ) تأخذ من ( أربعة ) من التقادير إذا كان خنثيان ( الربع ) إذ هو نسبة واحد هوائي إلى أربعة وفي كلامه عطف على معمولين لعاملين مختلفين إذ أربعة عطف على اثنين والعامل فيه من والربع عطف على النصف والعامل فيه تأخذ المقدر .
( فما اجتمع ) من النصف في الحالين أو الربع في الأربعة ( فنصيب كل ) أي كل واحد من الورثة فيعطى كل واحد من الورثة نصف أو ربع ما تحصل من المجموع . والحاصل أنك تجمع ما حصل لكل وارث وتحفظه ثم تنسب واحدا مفردا إلى أحوال الخناثى التي بيدك فيأخذ كل وارث مما حصل له بتلك النسبة فإن كان بيدك حالان أخذ كل وارث نصف ما بيده ، وإن كان أربعة فربع ما بيده ، وإن كانت الأحوال ثمانية فثمن ما بيده وهكذا بنسبة واحد مفرد إلى مجموع الأحوال فإذا كان في الفريضة خنثى واحد فله حالان ، وإن كان اثنان فلهما أربعة أحوال ; لأنهما يقدران في حالة ذكرين وفي أخرى أنثيين وفي أخرى يقدر أحدهما ذكرا والآخر أنثى وبالعكس وفي ثلاثة خناثى ثمانية أحوال ; لأنهم إما ذكور فقط أو إناث فقط أو زيد منهم ذكرا والآخران أنثيين أو عكسه أو يقدر عمرو منهم ذكرا والآخران أنثيين أو عكسه أو خالد ذكرا والباقي أنثيين أو عكسه فتذكير الكل من ثلاثة كتأنيثهم وتذكير أحدهم من أربعة وتذكير اثنين من خمسة فتضرب الثلاثة في الأربعة للتباين ثم الاثني عشر في الخمسة بستين ثم تضرب في ثمانية الأحوال فما حصل فلكل ثمن ما بيده .
وذكر المصنف بعض الأمثلة لإيضاح ما ذكره بقوله ( كذكر ) واحد ( وخنثى ) واحد مات مورثها عنهما ( فالتذكير ) أي تقدير الخنثى ذكرا المسألة ( من اثنين والتأنيث ) أي تقديره أنثى ( من ثلاثة تضرب الاثنين ) مسألة التذكير ( فيها ) أي في الثلاثة مسألة التأنيث لتباينهما بستة ( ثم ) تضرب الستة ( في حالتي الخنثى ) باثني عشر تقسمها على اثنين مسألة التذكير لكل ستة وعلى ثلاثة مسألة التأنيث له أربعة يحصل ( له ) أي للخنثى ( في الذكورة ستة وفي الأنوثة أربعة ) مجموعها عشرة ( فنصفها خمسة ) يأخذها الخنثى ; لأن له تقديرين ونسبة واحد لهما النصف .
( وكذلك غيره ) أي غير الخنثى وهو الذكر المحقق يأخذ نصف ما حصل بيده وهو أربعة عشر ; لأن له في التذكير ستة وفي التأنيث [ ص: 493 ] ثمانية ومجموعهما أربعة عشر يعطى نصفها سبعة ولو كان بدل الذكر المحقق أنثى محققة لكان التذكير من ثلاثة والتأنيث كذلك إذ البنتان لهما الثلثان فيكتفي بأحدهما للتماثل وتضرب الثلاثة في حالتي الخنثى بستة له في التذكير أربعة وفي التأنيث اثنان فالمجموع ستة يأخذ ثلاثة وللبنت المحققة اثنان في التأنيث واثنان في التذكير تعطي نصفهما اثنان يبقى واحد للعاصب وهذا مثال للتماثل ومثال التداخل ما لو كان مع الابن الخنثى أخ لأب فالتذكير من واحد إذ لا شيء للأخ مع الابن والتأنيث من اثنين والواحد دخل فيهما فيكتفى بهما ويضربان في حالتي الخنثى بأربعة فعلى ذكورته يختص بها وعلى أنوثته تأخذ منها اثنين ومجموعها ستة يعطى نصفها ثلاثة وللأخ الباقي وهو واحد ; لأن له في التأنيث اثنين نصفهما واحد .
( وكخنثيين وعاصب ) كأخ أو عم ( فأربعة أحوال ) تقديرهما ذكرين وأنثيين والأكبر ذكرا والأصغر أنثى وعكسه فعلى أنهما ذكران فالمسألة من اثنين ولا شيء للعاصب وعلى تقديرهما أنثيين فالمسألة من ثلاثة لهما اثنان وللعاصب واحد وعلى تقدير الأكبر ذكرا والأصغر أنثى من ثلاثة وكذا عكسه ولا شيء للعاصب في هذين التقديرين كالأول ثلاث فرائض منها متماثلة في المخرج وهي كونها من ثلاثة فيما عدا التقدير الأول يكتفى منها بواحد وتضرب الثلاثة في اثنين فريضة تذكيرهما للتباين بستة ( تنتهي ) بضربها في الأحوال الأربعة ( لأربعة وعشرين ) تقسمها على التذكير لكل منهما اثنا عشر وعلى تأنيثهما لكل منهما ثمانية وللعاصب ثمانية وعلى تذكير الأكبر مع تأنيث الأصغر للذكر ستة عشر وللأنثى ثمانية وكذا عكسه ثم تجمع ما لكل منهما تجده أربعة وأربعين وللعاصب في تأنيثهما ثمانية فيعطى كل ربع ما بيده ; لأن الأحوال أربعة ( لكل ) من الخنثيين ( أحد عشر وللعاصب اثنان ) [ ص: 494 ]
ثم ذكر ما يزول به إشكال الخنثى من العلامات الدالة على أنوثته أو ذكورته بقوله ( فإن بال ) الخنثى ( من واحد ) من فرجيه دون الآخر فلا إشكال فيه إذ بوله من ذكره دليل على ذكورته وبوله من فرجه دليل على أنوثته [ ص: 495 ] ( أو كان ) بوله من أحدهما ( أكثر ) من الآخر خروجا لا كيلا أو وزنا لعدم اعتبار الكثرة بهما كما قال الشعبي فإذا دل ذلك على أنه ذكر وبالعكس دل على أنه أنثى ولو كان الذي يخرج من الأقل خروجا أكثر وزنا ( أو ) كان يخرج من المحلين لكن خروجه من أحدهما ( أسبق ) من خروجه من الآخر فإن سبق من الذكر فذكر ومن الفرج فأنثى فإن اندفع منهما معا اعتبر الأكثر عند الأكثر ثم الاختبار بالبول إنما هو في حال صغره حيث يجوز النظر لعورته كما قال كان يبول من ذكره مرتين ومن فرجه مرة ابن يونس يجوز وهو ظاهر فيما إذا كانت لا يلتذ بها بخلاف المراهقة ، وأما في حال الكبر فقالوا يختبر بأن يبول إلى حائط أو عليها فإن ضرب بوله الحائط أو أشرف عليه أي نبا وانفصل عن الحائط فذكر ، وإن نزل على سطحه أو بين فخذيه فأنثى ; لأنه دليل على أنه خرج من الفرج لكن هذا لا يتم في الأسبقية ولا في الأكثر خروجا وظاهر إطلاقهم أنه لا يشترط التكرار فلو تحققت حياته وبال من أحدهما مرة واحدة ثم مات فالحكم لصاحب المبال فإن تساوى بوله منهما ولم يعلم حاله انتظر بلوغه إن كان غير بالغ فإن احتلم من ذكره ( أو نبتت له لحية ) دون ثدي فذكر قال نظر عورة الصغير ; لأن الأصل في نبات شعر اللحية من البيضة اليسرى فلا يرد ما قالوه في فرائض الوضوء من أن المرأة قد ينبت لها لحية ; لأنه نادر لا حكم له . محمد بن سحنون
( أو ) نبت له ( ثدي ) كثدي النساء لا كثدي رجل بدين فأنثى فإن نبتا معا أو لم ينبتا فباق على إشكاله ولا ينظر إلى عدد أضلاعه عند الأكثر [ ص: 496 ] وقيل ينظر لذلك وعليه فالمرأة لها من كل جانب ثمانية عشر ضلعا بكسر ففتح على الأفصح والذكر له من الجانب الأيمن كذلك ومن الأيسر سبعة عشر ضلعا وقيل للمرأة من كل جانب سبع عشرة وللذكر من الأيمن كذلك ومن الأيسر ست عشرة ضلعا قيل وسبب ذلك أن الله تعالى لما خلق آدم ، وأراد خلق حواء منه ألقى عليه النوم فنام ثم استل من جانبه الأيسر ضلعا أقصر فخلق منه حواء بالمد فخرجت منه كما تخرج النخلة من النواة أي بلا تألم وروي أنه لما استيقظ من نومه رآها بجنبه فأعجبته فمد يده إليها فقالت له الملائكة مه يا آدم حتى تؤدي مهرها قيل وما مهرها قيل تصلي على محمد عشرين مرة وروي ثلاث مرات وقال بعضهم ينظر إلى شهوته فإن مال إلى النساء فذكر ، وإن مال إلى الرجال فأنثى ( أو ) حصل منه ( حيض ) ولو مرة ( أو مني ) من أحد فرجيه ( فلا إشكال ) [ ص: 497 ] لاتضاح الحال .