وقد جرت عادتهم أن يذكروا هنا أحكام المياه والكلإ وما يتعلق بذلك فتبعهم المصنف في ذلك فقال ( ولذي مأجل ) بفتح الميم والجيم بينهما همزة ساكنة كمقعد ، وبضم الميم وفتح الجيم كمعظم ما يعد لخزن الماء كالصهريج ( و ) لذي ( بئر ومرسال مطر ) أي محل جريه وهو من ( كماء يملكه ) في آنية ، أو حفرة أي ككل ماء يملكه أعم من الثلاثة قبله ( منعه ) من غيره ( وبيعه ) وهبته والتصدق به وخص المنع والبيع بالذكر لأجل الاستثناء بقوله ( إلا من خيف عليه ) هلاكا ، أو ضررا شديدا من عاقل ، أو غيره ( ولا ثمن معه ) حين الخوف عليه ولو كان مليا ببلده مثلا فليس للمالك في هذه الحالة منعه ولا بيعه بل يجب عليه دفعه له مجانا ولا يرجع عليه بعد ذلك ولو مليا بمحل آخر أما لو كان معه مال فبالثمن باتفاق فقوله ( وإلا رجح بالثمن ) وإن حمل على ما إذا لم يكن معه مال كان فاسدا لاتفاق المدونة حل المطر بأرضه الخاصة بملك أو منفعة وابن يونس على أنه لا يلزمه شيء ولو غنيا ببلده وإن حمل على ما إذا كان معه مال فهو نص المدونة وليس لابن يونس فيه إلا مجرد نقله .
( كفضل ) ماء ( بئر زرع ) تشبيه في وجوب الدفع مجانا المستفاد من الاستثناء أي كوجوب دفع ما فضل عن الحاجة من ماء بئر ، أو عين لجاره حيث ( خيف على زرع جاره ) أو شجره التالف من العطش ( بهدم بئره ) أي والأرجح بسبب هدم بئر الجار ( وأخذ ) الجار ( يصلح ) بئره المنهدم ولا شيء عليه لرب المال ولو كان مليا خلافا لابن يونس حيث قال يلزمه الثمن إن كان معه قياسا على مسألة من خيف عليه الهلاك ، وجوابه أن الماء في مسألة الزرع فضل عن حاجة صاحبه وجاره معذور بهدم بئره مع أخذه في الإصلاح بخلاف المسافر فإن الغالب عليه أنه مختار بالسفر مع كونه يحتاط لنفسه باستعداد الثمن لمثل ذلك ( وأجبر ) رب الماء ( عليه ) أي على دفع الفضل لجاره بالشروط المذكورة فإن انخرم شرط منها لم يجبر ربه على الدفع [ ص: 73 ] بأن زرع لا على أصل ماء ، أو لم تنهدم بئره ، أو لم يأخذ في الإصلاح ، ثم شبه في مطلق الجبر قوله ،
( كفضل بئر ماشية ) حفرها ( بصحراء ) أي بموات فيجبر على دفع ما فضل عن حاجته ( هدرا ) أي بلا ثمن ولو مع وجوده ; لأنه لا يجوز له بيعه ولا هبته ولا يورث عنه هذا ( إن لم يبين ) حين حفرها ( الملكية ) لعدم الإحياء بمجرد الحفر ولأن نيته أخذ كفايته فقط فإن بينهما بإشهاد عند الحفر كان له المنع وأخذ الثمن إن وجد ; لأنه إحياء حينئذ ( و ) إذا ( بدئ ) وجوبا بعد ري ربها ( بمسافر ) لاحتياجه لسرعة السير ( وله ) بالقضاء على رب الماء أو على حاضره ( عارية آلة ) وعليهم إعارتها له وهذا ما لم تجعل الآلة للإجارة ، وإلا فبالأجرة واتبع بها في ذمته إن لم توجد معه ( ثم حاضر ) إلى أن يروي ( ثم دابة ربها ) أي البئر ، ثم دابة المسافر ، ثم مواشي ربها ثم مواشي الناس . اجتمع على ماء بئر الماشية مستحقون
( بجميع الري ) بفتح الراء وكسرها أي أن من قدم يقدم بجميع الري ، وإنما أخرت المواشي عن الدواب ; لأنها تذبح فتؤكل بخلاف الدواب هذا إذا كان في الماء كفاية للجميع ولا جهد ( وإلا فبنفس المجهود ) من آدمي ، أو غيره وسقط الترتيب انظر الشراح .