ولما أنهى الكلام على بيع الخيار شرع في الكلام على [ ص: 106 ] فالأقسام ثلاثة وقد ذكرها الاختيار المجامع للخيار والمنفرد عنه المصنف فأشار إلى الاختيار مع الخيار بقوله ( وإن ) ( ضمن واحدا ) منهما ( بالثمن ) الذي وقع عليه البيع إن كان الخيار له كما هو قضيته ، فإن كان الخيار للبائع فإنه يضمن له الأكثر من الثمن والقيمة إلا أن يحلف فيضمن الثمن خاصة ويجري مثل ذلك في قوله ، أو ضياع واحد ضمن نصفه وقوله ( فقط ) راجع إلى قوله ضمن واحدا أي فلا يضمن الثاني ; لأنه أمين فيه ولا فرق بين طوع البائع بدفعهما وسؤال المشتري له ذلك عند ( اشترى ) المشتري ( أحد ثوبين ) لا بعينه من شخص واحد ( وقبضهما ليختار ) واحدا منهما ، وهو فيما يختاره بالخيار في إمساكه ورده ( فادعى ضياعهما ) ابن القاسم وإليه أشار بقوله ( ولو سأل في إقباضهما ) وفهم من قوله فادعى أنه إن قامت له بينة بذلك لم يضمن شيئا ( أو ) ادعى ( ضياع واحد ) منهما فقط ولم تقم له بينة ( ضمن نصفه ) لعدم العلم بالضائع هل هو المبيع ، أو غيره فأعملناه الاحتمالين ( وله ) أي للمشتري في ادعاء ضياع واحد فقط ( اختيار ) جميع ( الباقي ) ورده إن كان زمن الخيار باقيا ، وليس له اختيار نصفه على المشهور لما في اختيار نصف الباقي من ضرر الشركة ، فإن : قال كنت اخترت هذا الباقي ، ثم ضاع الآخر لم يصدق ويضمن نصف التالف ، وإن قال : كنت اخترت التالف ضمنه بتمامه وشبه في مطلق الضمان قوله ( كسائل ) غيره ( دينارا ) مثلا قضاء عن دين ، أو قرضا [ ص: 107 ] ( فيعطى ) السائل ( ثلاثة ليختار ) أحدها غير معين ( فزعم تلف اثنين ) وأولى إن قامت له بينة بذلك ( فيكون ) السائل ( شريكا ) بالثلث في السالم والتالف فله في السالم ثلثه وعليه ثلث كل من التالفين ويحلف على الضياع إن كان متهما ، فإن لم يحلف ضمن الثلثين أيضا ، فإن قبضها على أن ينقدها ، فإن وجد فيها جيدا وازنا أخذه ، وإلا رد الجميع فلا شيء عليه ; لأنه أمين فيها وأشار إلى القسم الثاني ، وهو الخيار فقط بقوله ( وإن كان ) فالمراد باختيارهما أنه فيهما بالخيار لا الاختيار المقابل للخيار ( فكلاهما مبيع ) يضمنهما ضمان مبيع الخيار إن لم تقم له بينة ( ولزماه بمضي المدة ) أي مدة الخيار ( وهما بيده ) وهذا معلوم مما مر أتى به لتتميم أحكام مسألة الثوبين وأشار إلى القسم الثالث ، وهو الاختيار فقط بقوله ( وفي ) اشتراهما معا على أن له فيهما خيار التروي وقبضهما ( ليختارهما ) معا ، أو يردهما معا فإنه ( يلزمه النصف من كل ) منهما ; لأن ثوبا قد لزمه ولا يعلم ما هو منهما فوجب أن يكون فيهما شريكا ، ومثل ذلك ما إذا ادعى ضياعهما ، أو ضياع أحدهما كما قرره به بعضهم ، وسواء كانا بيد البائع ، أو المشتري كان المبيع مما يغاب عليه أم لا ( وفي ) اشترائه أحدهما على ( الاختيار ) ، ثم هو فيما يختاره بالخيار ، وهي أول صور هذا المبحث إذا مضت مدة الخيار ولم يختر ( لا يلزمه شيء ) من الثوبين ; لأن تركه الاختيار حتى مضت مدة الخيار دليل [ ص: 108 ] على الرجوع عن المبيع وسواء كانا بيده ، أو بيد البائع إذ لم يقع البيع على معين فيلزمه ولا على لزوم أحدهما فيكون شريكا . . اشترائه على ( اللزوم لأحدهما ) أي على أن أحدهما لازم له وإنما الخيار في التعيين ولا يرد إلا أحدهما فمضت مدة الاختيار ولم يختر ولم يدع ضياع شيء منهما