وأما ، ولهذا قال تعالى : ( الربا : فتحريمه في القرآن أشد ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله ) [ البقرة : 278 ، 279 ] ، وذكره النبي - صلى الله عليه وسلم - في الكبائر كما خرجاه في الصحيحين عن - رضي الله عنه - ، وذكر الله أنه حرم على الذين هادوا طيبات أحلت لهم بظلمهم ، وصدهم عن سبيل الله ، وأخذهم الربا وأكلهم أموال الناس بالباطل . وأخبر سبحانه أنه يمحق الربا ، كما يربي الصدقات ، وكلاهما أمر مجرب عند الناس . أبي هريرة
وذلك : أن الربا أصله إنما يتعامل به المحتاج ، وإلا فالموسر لا يأخذ ألفا حالة بألف ومائتين مؤجلة إذا لم يكن له حاجة لتلك الألف ، وإنما يأخذ المال بمثله وزيادة إلى أجل من هو محتاج إليه ، فتقع تلك الزيادة ظلما للمحتاج ، بخلاف الميسر فإن المظلوم فيه غير [مفتقر] ، ولا هو محتاج إلى العقد ، وقد تخلو بعض صوره عن الظلم إذا وجد في المستقبل المبيع على الصفة التي ظناها ، والربا فيه ظلم محقق للمحتاج ولهذا كان ضد الصدقة ، فإن الله لم يدع الأغنياء حتى أوجب عليهم إعطاء الفقراء ، فإن مصلحة الغني والفقير في الدين والدنيا لا تتم إلا بذلك ، فإذا أربى معه ، فهو بمنزلة من له على رجل دين فمنعه دينه ، وظلمه زيادة أخرى ، والغريم محتاج إلى دينه ، فهذا من أشد أنواع الظلم ، ولعظمه : لعن النبي - صلى الله عليه وسلم - آكله ، وهو الآخذ ، وموكله وهو المحتاج المعطي للزيادة ، وشاهديه وكاتبه ، لإعانتهم عليه .
[ ص: 171 ]