فالأول : العرج مصدر الأعرج ، ويقال منه : عرج يعرج عرجا ، إذا صار أعرج . وقالوا : عرج يعرج خلقة ، وعرج يعرج إذا مشى مشية العرجان . والعرجاء : الضبع ، وذلك خلقة فيها ، فلذلك سميت العرجاء ، والجمع عرج . وجمع الأعرج من الناس العرجان . ويقال للغراب أعرج ، لأنه إذا مشى حجل .
ومن هذا الباب التعرج ، وهو حبس المطايا في مناخ أو موقف يميلها إليه . قال : ذو الرمة
يا جارتي بنت فضاض أما لكما حتى نكلمها هم بتعريج
و قال : عرجت عليه ، أي حبست مطيتي عليه . ومالي عليه [ ص: 303 ] عرجة ولا معرجة . ويقال للطريق إذا مال : انعرج . وانعرج الوادي . ومنعرجه : حيث يميل يمنة ويسرة . وانعرج القوم عن الطريق ، إذا مالوا عنه . ويقولون : إن العريجاء : الهاجرة . وإن صح هذا فلأن كل شيء ينعرج إلى مكان يقيه الحر . قال : ابن الأعرابي
لكن سهية تدري أنني ذكر على عريجاء لما ابتلت الأزر
وكان يقول : أن ترد الإبل يوما غدوة ويوما عشية . وقد عرجنا من العريجاء . والعرجاء : هضبة معروفة . قال الأصمعي أبو ذؤيب :
فكأنها بالجزع جزع نبايع وأولات ذي العرجاء نهب مجمع
ويقال إنما سميت العرجاء لأن الطريق يتعرج بها . ويقال : أمر عريج ، إذا لم يستقم ، هو معوج بعد .
والأصل الآخر من الإبل ، قال قوم : ثمانون إلى تسعين ، فإذا بلغت المائة فهي هنيدة ، والجمع عروج وأعراج . قال طرفة :
يوم تبدي البيض عن أسوقها وتلف الخيل أعراج النعم
[ ص: 304 ] ويقال : العرج مائة وخمسون . وهذا الأصل قد يمكن ضمه إلى الأول ، لأن صاحب ذلك يعرج عليه ويكتفي به .
والأصل الثالث : العروج : الارتقاء . يقال عرج يعرج عروجا ومعرجا . والمعرج : المصعد . قال الله - تعالى - : تعرج الملائكة والروح إليه . فأما قول القائل :
حتى إذا ما الشمس همت بعرج
فقالوا : أراد غيبوبة الشمس . وهذا وإن كان صحيحا فهو غير ملخص في التفسير ، وإنما المعنى أنها لما غابت فكأنها عرجت إلى السماء ، أي صعدت . ومما يؤيد هذا قول الآخر :
وعرج الليل بروج الشمس
فهذا هو القياس الصحيح .