عيف : عاف الشيء يعافه عيفا وعيافة وعيافا وعيفانا : كرهه فلم يشربه طعاما أو شرابا . قال : قد غلب على كراهية الطعام ، فهو عائف ؛ قال ابن سيده أنس بن مدركة الخثعمي :
إني وقتلي كليبا ثم أعقله كالثور يضرب لما عافت البقر
وذلك أن البقر إذا امتنعت من شروعها في الماء لا تضرب لأنها ذات لبن ، وإنما يضرب الثور لتفزع هي فتشرب . قال : وقيل العياف المصدر والعيافة الاسم ؛ أنشد ابن سيده : ابن الأعرابي
كالثور يضرب أن تعاف نعاجه وجب العياف ضربت أو لم تضرب
ورجل عيوف وعيفان : عائف ، واستعاره للكلاب فقال يهجو النجاشي ابن مقبل :
تعاف الكلاب الضاريات لحومهم وتأكل من كعب بن عوف ونهشل
وقوله :
فإن تعافوا العدل والإيمانا فإن في أيماننا نيرانا
فإنه يعني بالنيران سيوفا أي : فإنا نضربكم بسيوفنا ، فاكتفى بذكر السيوف عن ذكر الضرب بها . والعائف : الكاره للشيء المتقذر له ؛ ومنه حديث النبي - صلى الله عليه وسلم : أنه أتي بضب مشوي فلم يأكله ، وقال : إني لأعافه لأنه ليس من طعام قومي أي : أكرهه . وعاف الماء : تركه وهو عطشان . والعيوف من الإبل : الذي يشم الماء ، وقيل : الذي يشمه وهو صاف فيدعه وهو عطشان . وأعاف القوم إعافة : عافت إبلهم الماء فلم تشربه . وفي حديث وذكره ابن عباس إبراهيم - صلى الله على نبينا وعليه وسلم - وإسكانه ابنه إسماعيل وأمه مكة وأن الله - عز وجل - فجر لهما زمزم قال : فمرت رفقة من جرهم فرأوا طائرا واقعا على جبل فقالوا : إن هذا الطائر لعائف على ماء ؛ قال أبو عبيدة : العائف هنا هو الذي يتردد على الماء ويحوم ولا يمضي . قال ابن الأثير : وفي حديث أم إسماعيل - عليه السلام : أي : حائما ليجد فرصة فيشرب . وعافت الطير إذا كانت تحوم على الماء وعلى الجيف تعيف عيفا وتتردد ولا تمضي تريد الوقوع ، فهي عائفة ، والاسم العيفة . ورأوا طيرا عائفا على الماء أبو عمرو : يقال عافت الطير إذا استدارت على شيء تعوف أشد العوف . قال الأزهري وغيره : يقال عافت تعيف ؛ وقال الطرماح :
ويصبح لي من بطن نسر مقيله دوين السماء في نسور عوائف
وهي التي تعيف على القتلى وتتردد . قال : وعاف الطائر عيفانا حام في السماء ، وعاف عيفا حام حول الماء وغيره ؛ قال ابن سيده أبو زبيد :
كأن أوب مساحي القوم فوقهم طير تعيف على جون مزاحيف
والاسم العيفة ، شبه اختلاف المساحي فوق رءوس الحفارين بأجنحة الطير ، وأراد بالجون المزاحيف إبلا قد أزحفت فالطير تحوم عليها . والعائف : المتكهن . وفي حديث : أن ابن سيرين شريحا كان عائفا ؛ أراد أنه كان صادق الحدس والظن كما يقال للذي يصيب بظنه : ما هو إلا كاهن ، وللبليغ في قوله : ما هو إلا ساحر ، لا أنه كان يفعل فعل الجاهلية في العيافة . وعاف الطائر وغيره من السوانح يعيفه عيافة : زجره ، وهو أن يعتبر بأسمائها ومساقطها وأصواتها ؛ قال : [ ص: 355 ] أصل عفت الطير فعلت عيفت ، ثم نقل من فعل إلى فعل ، ثم قلبت الياء في فعلت ألفا فصار عافت فالتقى ساكنان : العين المعتلة ولام الفعل ، فحذفت العين لالتقائهما فصار التقدير عفت ، ثم نقلت الكسرة إلى الفاء لأن أصلها قبل القلب فعلت ، فصار عفت ، فهذه مراجعة أصل إلا أن ذلك الأصل الأقرب لا الأبعد ، ألا ترى أن أول أحوال هذه العين في صيغة المثال إنما هو فتحة العين التي أبدلت منها الكسرة ؟ وكذلك القول في أشباه هذا من ذوات الياء ؛ قال ابن سيده : حملوه على فعالة كراهية الفعول ، وقد تكون العيافة بالحدس وإن لم تر شيئا ؛ قال سيبويه الأزهري : العيافة زجر الطير وهو أن يرى طائرا أو غرابا فيتطير وإن لم ير شيئا فقال بالحدس كان عيافة أيضا ، وقد عاف الطير يعيفه ؛ قال الأعشى :
ما تعيف اليوم في الطير الروح من غراب البين أو تيس برح
والعائف : الذي يعيف الطير فيزجرها وهي العيافة . وفي الحديث : ؛ العيافة : زجر الطير والتفاؤل بأسمائها وأصواتها وممرها ، وهو من عادة العرب كثيرا وهو كثير في أشعارهم . يقال : عاف يعيف عيفا إذا زجر وحدس وظن ، العيافة والطرق من الجبت وبنو أسد يذكرون بالعيافة ويوصفون بها ، قيل عنهم : إن قوما من الجن تذاكروا عيافتهم فأتوهم فقالوا : ضلت لنا ناقة فلو أرسلتم معنا من يعيف ، فقالوا لغليم منهم : انطلق معهم ! فاستردفه أحدهم ثم ساروا ، فلقيهم عقاب كاسرة أحد جناحيها ، فاقشعر الغلام وبكى فقالوا : ما لك ؟ فقال : كسرت جناحا ، ورفعت جناحا ، وحلفت بالله صراحا : ما أنت بإنسي ولا تبغي لقاحا . وفي الحديث : أن عبد الله بن عبد المطلب أبا النبي - صلى الله عليه وسلم - مر بامرأة تنظر وتعتاف فدعته إلى أن يستبضع منها فأبى . وقال شمر : عياف والطريدة لعبتان لصبيان الأعراب ؛ وقد ذكر الطرماح جواري شببن عن هذه اللعب فقال :
قضت من عياف والطريدة حاجة فهن إلى لهو الحديث خضوع
وروى إسماعيل بن قيس قال : سمعت يقول : لا تحرم العيفة ، قلنا : وما العيفة ؟ قال : المرأة تلد فيحصر لبنها في ثديها فترضعه جارتها المرة والمرتين ؛ قال المغيرة بن شعبة أبو عبيد : لا نعرف العيفة في الرضاع ولكن نراها العفة ، وهي بقية اللبن في الضرع بعدما يمتك أكثر ما فيه ؛ قال الأزهري : والذي هو أصح عندي أنه العيفة لا العفة ، ومعناه أن جارتها ترضعها المرة والمرتين ليتفتح ما انسد من مخارج اللبن ، سمي عيفة لأنها تعافه أي : تقذره وتكرهه . وأبو العيوف : رجل ؛ قال :
وكان أبو العيوف أخا وجارا وذا رحم فقلت له نقاضا
وابن العيف العبدي : من شعرائهم .