سحر : الأزهري : السحر عمل تقرب فيه إلى الشيطان وبمعونة منه ، كل ذلك الأمر كينونة للسحر ، ومن السحر الأخذة التي تأخذ العين حتى يظن أن الأمر كما يرى وليس الأصل على ما يرى ; والسحر : الأخذة . وكل ما لطف مأخذه ودق ، فهو سحر ، والجمع أسحار وسحور ، وسحره يسحره سحرا وسحرا وسحره ، ورجل ساحر من قوم سحرة وسحار ، وسحار من قوم سحارين ، ولا يكسر ; والسحر : البيان في فطنة ، كما جاء في الحديث : قيس بن عاصم المنقري والزبرقان بن بدر و عمرو بن الأهتم قدموا على النبي ، صلى الله عليه وسلم ، فسأل النبي ، صلى الله عليه وسلم ، عمرا عن الزبرقان فأثنى عليه خيرا فلم يرض الزبرقان بذلك ، وقال : والله يا رسول الله إنه ليعلم أنني أفضل مما قال : ولكنه حسد مكاني منك ; فأثنى عليه عمرو شرا ثم قال : والله ما كذبت عليه في الأولى ولا في الآخرة ولكنه أرضاني فقلت بالرضا ثم أسخطني فقلت بالسخط ، فقال : رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، إن من البيان لسحرا ; قال إن أبو عبيد : كأن المعنى ، والله أعلم ، أنه يبلغ من ثنائه أنه يمدح الإنسان فيصدق فيه حتى يصرف القلوب إلى قوله ثم يذمه فيصدق فيه حتى يصرف القلوب إلى قوله الآخر ؛ فكأنه قد سحر السامعين بذلك ; وقال ابن الأثير : يعني إن من البيان لسحرا أي منه ما يصرف قلوب السامعين وإن كان غير حق ، وقيل : معناه إن من البيان ما يكسب من الإثم ما يكتسبه الساحر بسحره فيكون في معرض الذم ، ويجوز أن يكون في معرض المدح لأنه تستمال به القلوب ويرضى به الساخط ويستنزل به الصعب . قال الأزهري وأصل السحر صرف الشيء عن حقيقته إلى غيره فكأن الساحر لما أرى الباطل في صورة الحق وخيل الشيء على غير حقيقته ، قد سحر الشيء عن وجهه أي صرفه . وقال الفراء : في قوله تعالى : فأنى تسحرون ; معناه فأنى تصرفون ; ومثله : فأنى تؤفكون ; أفك سحر سواء . وقال يونس : تقول العرب للرجل ما سحرك عن وجه كذا وكذا أي ما صرفك عنه ؟ وما سحرك عنا سحرا أي ما صرفك ؟ عن كراع ، والمعروف : ما شجرك شجرا . وروى شمر عن ابن عائشة قال : العرب إنما سمت السحر سحرا لأنه يزيل الصحة إلى المرض ، وإنما يقال سحره أي أزاله عن البغض إلى الحب ; وقال : الكميت
وقاد إليها الحب ، فانقاد صعبه بحب من السحر الحلال التحبب
يريد أن غلبة حبها كالسحر وليس به لأنه حب حلال ، والحلال لا يكون سحرا لأن السحر كالخداع ; قال شمر : وأقرأني ابن الأعرابي للنابغة :
فقالت : يمين الله أفعل ! إنني رأيتك مسحورا يمينك فاجره
قال : مسحورا ذاهب العقل مفسدا . قال : وأما قوله ، صلى الله عليه وسلم ، ابن سيده ; فقد يكون على المعنى الأول أي أن علم النجوم محرم التعلم ، وهو كفر ، كما أن علم السحر كذلك ، وقد يكون على المعنى الثاني أي أنه فطنة وحكمة ، وذلك ما أدرك منه بطريق الحساب كالكسوف ونحوه ، وبهذا علل من تعلم بابا من النجوم فقد تعلم بابا من السحر الدينوري هذا الحديث . والسحر والسحارة : شيء يلعب به الصبيان إذا مد من جانب خرج على لون ، وإذا مد من جانب آخر خرج على لون آخر مخالف ، وكل ما أشبه ذلك : سحارة . وسحره بالطعام والشراب يسحره سحرا وسحره : غذاه وعلله ، وقيل : خدعه . والسحر : الغذاء ; قال امرؤ القيس :
أرانا موضعين لأمر غيب ونسحر بالطعام وبالشراب
عصافير وذبان ودود وأجرأ من مجلحة الذئاب
أي نغذى أو نخدع . قال : وقوله موضعين أي مسرعين ، وقوله : لأمر غيب يريد الموت وأنه قد غيب عنا وقته ونحن نلهى عنه بالطعام والشراب . والسحر : الخديعة ; وقول ابن بري لبيد :
فإن تسألينا : فيم نحن ؟ فإننا عصافير من هذا الأنام المسحر
يكون على الوجهين . وقوله تعالى : إنما أنت من المسحرين ; يكون من التغذية والخديعة . وقال الفراء : إنما أنت من المسحرين ، قالوا لنبي الله لست بملك إنما أنت بشر مثلنا . قال : والمسحر المجوف كأنه ، والله أعلم ، أخذ من قولك انتفخ سحرك أي أنك تأكل الطعام والشراب فتعلل به ، وقيل : من المسحرين أي ممن سحر مرة بعد مرة . وحكى الأزهري عن بعض أهل اللغة في قوله تعالى : إن تتبعون إلا رجلا مسحورا ; [ ص: 136 ] قولين : أحدهما أنه ذو سحر مثلنا ، والثاني أنه سحر وأزيل عن حد الاستواء . وقوله تعالى : ياأيها الساحر ادع لنا ربك بما عهد عندك إننا لمهتدون ; يقول القائل : كيف قالوا لموسى يا أيها الساحر وهم يزعمون أنهم مهتدون ؟ والجواب في ذلك أن الساحر عندهم كان نعتا محمودا ، والسحر كان علما مرغوبا فيه ، فقالوا له يا أيها الساحر على جهة التعظيم له . وخاطبوه بما تقدم له عندهم من التسمية بالساحر ، إذا جاء بالمعجزات التي لم يعهدوا مثلها ، ولم يكن السحر عندهم كفرا ولا كان مما يتعايرون به ، ولذلك قالوا له يا أيها الساحر . والساحر : العالم . والسحر : الفساد . وطعام مسحور إذا أفسد عمله ، وقيل : طعام مسحور مفسود ; عن ثعلب . قال : هكذا حكاه مفسود لا أدري أهو على طرح الزائد أم فسدته لغة أم هو خطأ . ونبت مسحور : مفسود ; هكذا حكاه أيضا ابن سيده الأزهري . أرض مسحورة : أصابها من المطر أكثر مما ينبغي " فأفسدها . وغيث ذو سحر إذا كان ماؤه أكثر مما ينبغي . وسحر المطر الطين والتراب سحرا : أفسده فلم يصلح للعمل ; : يقال : للأرض التي ليس بها نبت إنما هي قاع قرقوس . أرض مسحورة . قليلة اللبن . وقال : إن اللسق يسحر ألبان الغنم ، وهو أن ينزل اللبن قبل الولاد . والسحر والسحر : آخر الليل قبيل الصبح ، والجمع أسحار . والسحرة : السحر ، وقيل : أعلى السحر ، وقيل : هو من ثلث الليل الآخر إلى طلوع الفجر . يقال : لقيته بسحرة ، ولقيته سحرة وسحرة يا هذا ، ولقيته سحرا وسحر ، بلا تنوين ، ولقيته بالسحر الأعلى ، ولقيته بأعلى سحرين وأعلى السحرين ؛ فأما قول ابن شميل العجاج :
غدا بأعلى سحر وأحرسا
فهو خطأ ، كان ينبغي له أن يقول : بأعلى سحرين ؛ لأنه أول تنفس الصبح ، كما قال الراجز :
مرت بأعلى سحرين تدأل
ولقيته سحري هذه الليلة وسحريتها ; قال :
في ليلة لا نحس في سحريها وعشائها
أراد : ولا عشائها . الأزهري : السحر قطعة من الليل . وأسحر القوم : صاروا في السحر ؛ كقولك : أصبحوا . وأسحروا واستحروا : خرجوا في السحر . واستحرنا أي صرنا في ذلك الوقت ، ونهضنا لنسير في ذلك الوقت ; ومنه قول زهير :
بكرن بكورا واستحرن بسحرة
ونقول : لقيته سحر يا هذا إذا أردت به سحر ليلتك ، لم تصرفه لأنه معدول عن الألف واللام وهو معرفة ، وقد غلب عليه التعريف بغير إضافة ولا ألف ولا لام كما غلب ابن الزبير على واحد من بنيه ، وإذا نكرت سحر صرفته ، كما قال تعالى : إلا آل لوط نجيناهم بسحر ; أجراه لأنه نكرة ، كقولك نجيناهم بليل ; قال : فإذا ألقت العرب منه الباء لم يجروه فقالوا : فعلت هذا سحر يا فتى ، وكأنهم في تركهم إجراءه أن كلامهم كان فيه بالألف واللام فجرى على ذلك ؛ فلما حذفت منه الألف واللام وفيه نيتهما لم يصرف ، وكلام العرب أن يقولوا : ما زال عندنا منذ السحر ، لا يكادون يقولون غيره . وقال ، وهو قول الزجاج : سحر إذا كان نكرة يراد سحر من الأسحار انصرف ، تقول : أتيت زيدا سحرا من الأسحار ؛ فإذا أردت سحر يومك قلت : أتيته سحر يا هذا ، وأتيته بسحر يا هذا ; قال سيبويه الأزهري : والقياس ما قاله . وتقول : سر على فرسك سحر يا فتى فلا ترفعه لأنه ظرف غير متمكن ، وإن سميت بسحر رجلا أو صغرته انصرف لأنه ليس على وزن المعدول كأخر ، تقول : سر على فرسك سحيرا وإنما لم ترفعه لأن التصغير لم يدخله في الظروف المتمكنة كما أدخله في الأسماء المنصرفة ; قال سيبويه الأزهري : وقول يصف فلاة : ذي الرمة
مغمض أسحار الخبوت إذا اكتسى من الآل جلأ نازح الماء مقفر
قيل : أسحار الفلاة أطرافها . وسحر كل شيء : طرفه . شبه بأسحار الليالي وهي أطراف مآخرها ; أراد مغمض أطراف خبوته فأدخل الألف واللام فقاما مقام الإضافة . وسحر الوادي : أعلاه . الأزهري : سحر إذا تباعد ، وسحر خدع ، وسحر بكر . واستحر الطائر : غرد بسحر ; قال امرؤ القيس :
كأن المدام وصوب الغمام وريح الخزامى ونشر القطر
يعل به برد أنيابها إذا طرب الطائر المستحر
والسحور : طعام السحر وشرابه . قال الأزهري : السحور ما يتسحر به وقت السحر من طعام أو لبن أو سويق وضع اسما لما يؤكل ذلك الوقت ; وقد تسحر الرجل ذلك الطعام أي أكله ، وقد تكرر ذكر السحور في الحديث في غير موضع ; قال ابن الأثير : هو بالفتح اسم ما يتسحر به من الطعام والشراب ، وبالضم المصدر والفعل نفسه ؛ وأكثر ما روي بالفتح ; وقيل : الصواب بالضم لأنه بالفتح الطعام والبركة ، والأجر والثواب في الفعل لا في الطعام ; وتسحر : أكل السحور . والسحر والسحر والسحر : ما التزق بالحلقوم والمريء من أعلى البطن . ويقال للجبان : قد انتفخ سحره ، ويقال ذلك أيضا لمن تعدى طوره . قال الليث : إذا نزت بالرجل البطنة يقال : انتفخ سحره ، معناه عدا طوره وجاوز قدره ; قال الأزهري : هذا خطأ إنما يقال : انتفخ سحره للجبان الذي ملأ الخوف جوفه ، فانتفخ السحر وهو الرئة حتى رفع القلب إلى الحلقوم ، ومنه قوله تعالى : وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنون ; وكذلك قوله : وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر ; كل هذا يدل على أن انتفاخ السحر مثل لشدة الخوف وتمكن الفزع وأنه لا يكون من البطنة ; ومنه قولهم للأرنب : المقطعة الأسحار ، والمقطعة السحور ، والمقطعة النياط ، وهو على التفاؤل ، أي سحره يقطع على هذا الاسم . وفي المتأخرين من يقول : المقطعة بكسر الطاء ، أي من سرعتها وشدة عدوها كأنها تقطع سحرها [ ص: 137 ] ونياطها . وفي حديث أبي جهل يوم بدر : قال لعتبة بن ربيعة انتفخ سحرك أي رئتك ; يقال ذلك للجبان وكل ذي سحر مسحر . والسحر أيضا : الرئة ، والجمع أسحار وسحر وسحور ; قال : الكميت
وأربط ذي مسامع ، أنت ، جأشا إذا انتفخت من الوهل السحور
وقد يحرك فيقال : سحر مثال نهر ونهر لمكان حروف الحلق . والسحر أيضا : الكبد . والسحر : سواد القلب ونواحيه ، وقيل : هو القلب ، وهو السحرة أيضا ; قال :
وإني امرؤ لم تشعر الجبن سحرتي إذا ما انطوى مني الفؤاد على حقد
وفي حديث عائشة ، رضي الله عنها : مات رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، بين سحري ونحري ; السحر الرئة ، أي مات رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وهو مستند إلى صدرها وما يحاذي سحرها منه ; وحكىالقتيبي عن بعضهم أنه بالشين المعجمة والجيم . وأنه سئل عن ذلك فشبك بين أصابعه وقدمها عن صدره ، وكأنه يضم شيئا إليه ، أي أنه مات وقد ضمته بيديها إلى نحرها وصدرها ، رضي الله عنها . والشجر : التشبيك ، وهو الذقن أيضا ، والمحفوظ الأول ، وسنذكره في موضعه . وسحره ، فهو مسحور وسحير : أصاب سحره أو سحره أو سحرته . ورجل سحر وسحير ; انقطع سحره ، وهو رئته ؛ فإذا أصابه منه السل وذهب لحمه ؛ فهو سحير سحر ; قالالعجاج :
وغلمتي منهم سحير وسحر وقائم من جذب دلويها هجر
سحر : انقطع سحره من جذبه بالدلو ; وفي المحكم :
وآبق من جذب دلويها
وهجر وهجير : يمشي مثقلا متقارب الخطو كأن به هجارا لا ينبسط مما به من الشر والبلاء . والسحارة : السحر وما تعلق به مما ينتزعه القصاب ; وقوله :
أيذهب ما جمعت صريم سحر ؟ ظليفا إن ذا لهو العجيب
معناه : مصروم الرئة مقطوعها ; وكل ما يبس منه ، فهو صريم سحر ; أنشد ثعلب :
تقول ظعينتي لما استقلت : أتترك ما جمعت صريم سحر ؟
وصرم سحره : انقطع رجاؤه ، وقد فسر صريم سحر بأنه المقطوع الرجاء . وفرس سحير : عظيم الجوف . والسحر والسحرة : بياض يعلو السواد ، يقال بالسين والصاد ؛ إلا أن السين أكثر ما يستعمل في سحر الصبح ، والصاد في الألوان ، يقال : حمار أصحر وأتان صحراء والإسحار والأسحار : بقل يسمن عليه المال ، واحدته إسحارة وأسحارة . قال أبو حنيفة : سمعت أعرابيا يقول : السحار فطرح الألف وخفف الراء وزعم أن نباته يشبه الفجل غير أن لا فجلة له ، وهو خشن يرتفع في وسطه قصبة في رأسها كعبرة ككعبرة الفجلة ، فيها حب له دهن يؤكل ويتداوى به ، وفي ورقه حروفة ; قال : وهذا قول ، قال : ولا أدري أهو الإسحار أم غيره . ابن الأعرابي الأزهري عن النضر : الإسحارة والأسحارة بقلة حارة تنبت على ساق ، لها ورق صغار ، لها حبة سوداء كأنها الشهنيزة .