سجد : الساجد : المنتصب في لغة طيء ، قال الأزهري : ولا يحفظ لغير الليث . : سجد يسجد سجودا وضع جبهته بالأرض ، وقوم سجد وسجود . وقوله عز وجل : ابن سيده وخروا له سجدا ؛ هذا سجود إعظام لا سجود عبادة ؛ لأن بني يعقوب لم يكونوا يسجدون لغير الله عز وجل . قال : إنه كان من سنة التعظيم في ذلك الوقت أن يسجد للمعظم ، قال : وقيل : خروا له سجدا أي خروا لله سجدا ؛ قال الزجاج الأزهري : هذا قول الحسن ، والأشبه بظاهر الكتاب أنهم سجدوا ليوسف ، دل عليه رؤياه الأولى التي رآها حين قال : إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين ؛ فظاهر التلاوة أنهم سجدوا ليوسف تعظيما له من غير أن أشركوا بالله شيئا ، وكأنهم لم يكونوا نهوا عن السجود لغير الله عز وجل ، فلا يجوز لأحد أن يسجد لغير الله وفيه وجه آخر لأهل العربية وهو أن يجعل اللام في قوله : وخروا له سجدا ؛ وفي قوله : رأيتهم لي ساجدين ؛ لام من أجل ، المعنى : وخروا من أجله سجدا لله شكرا لما أنعم الله عليهم حيث جمع شملهم وتاب عليهم وغفر ذنبهم وأعز جانبهم ووسع بيوسف ، عليه السلام ، وهذا كقولك فعلت ذلك لعيون الناس أي من أجل عيونهم ؛ وقال العجاج :
تسمع للجرع إذا استحيرا للماء في أجوافها ، خريرا
أراد تسمع للماء في أجوافها خريرا من أجل الجرع . وقوله تعالى : وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم ؛ قال أبو إسحاق : السجود عبادة لله لا عبادة لآدم لأن الله عز وجل إنما خلق ما يعقل لعبادته . والمسجد والمسجد : الذي يسجد فيه ، وفي الصحاح : واحد المساجد . وقال : كل موضع يتعبد فيه فهو مسجد ، ألا ترى أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا . وقوله عز وجل : الزجاج ومن أظلم ممن منع مساجد الله ؛ المعنى على هذا المذهب أنه من أظلم ممن خالف ملة الإسلام ؟ قال : وقد كان حكمه أن لا يجيء على مفعل ولكنه أحد الحروف التي شذت فجاءت على مفعل . قال : وأما المسجد فإنهم جعلوه اسما للبيت ولم يأت على فعل يفعل كما قال : في المدق إنه اسم للجلمود ، يعني أنه ليس على الفعل ، ولو كان على الفعل لقيل : مدق ، لأنه آلة والآلات تجيء على مفعل كمخرز [ ص: 126 ] ومكنس ومكسح . سيبويه : مسجد ، بفتح الجيم ، محراب البيوت ؛ ومصلى الجماعات مسجد ، بكسر الجيم ، والمساجد جمعها ، والمساجد أيضا : الآراب التي يسجد عليها والآراب السبعة مساجد . ويقال : سجد سجدة وما أحسن سجدته أي هيئة سجوده . ابن الأعرابي الجوهري : قال الفراء : كل ما كان على فعل يفعل مثل دخل يدخل فالمفعل منه بالفتح ، اسما كان أو مصدرا ، ولا يقع فيه الفرق مثل دخل مدخلا وهذا مدخله ، إلا أحرفا من الأسماء ألزموها كسر العين ، من ذلك المسجد والمطلع والمغرب والمشرق والمسقط والمفرق والمجزر والمسكن والمرفق من رفق يرفق والمنبت والمنسك من نسك ينسك ، فجعلوا الكسر علامة الاسم ، وربما فتحه بعض العرب في الاسم ، فقد روي مسكن ومسكن وسمع المسجد والمسجد والمطلع والمطلع ، قال : والفتح في كله جائز وإن لم نسمعه . قال : وما كان من باب فعل يفعل مثل جلس يجلس فالموضع ، بالكسر ، والمصدر بالفتح للفرق بينهما ، تقول : نزل منزلا بفتح الزاي ، تريد نزل نزولا ، وهذا منزله ، فتكسر ، لأنك تعني الدار ؛ قال : وهو مذهب تفرد به هذا الباب من بين أخواته ، وذلك أن المواضع والمصادر في غير هذا الباب ترد كلها إلى فتح العين ولا يقع فيها الفرق ، ولم يكسر شيء فيما سوى المذكور إلا الأحرف التي ذكرناها . والمسجدان : مسجد مكة ومسجد المدينة ، شرفهما الله عز وجل ؛ وقال : يمدح الكميت بني أمية :
لكم مسجدا الله المزوران ، والحصى لكم قبصه من بين أثرى وأقترا
القبص : العدد . وقوله : من بين أثرى وأقترا يريد من بين رجل أثرى ورجل أقتر أي لكم العدد الكثير من جميع الناس ، المثري منهم والمقتر . والمسجدة والسجادة : الخمرة المسجود عليها . والسجادة : أثر السجود في الوجه أيضا : والمسجد ، بالفتح : جبهة الرجل حيث يصيبه ندب السجود . وقوله تعالى : وأن المساجد لله ؛ قيل : هي مواضع السجود من الإنسان : الجبهة والأنف واليدان والركبتان والرجلان . وقال الليث في قوله : وأن المساجد لله ؛ قال : السجود مواضعه من الجسد والأرض مساجد ، واحدها مسجد ، قال : والمسجد اسم جامع حيث سجد عليه ، وفيه حديث لا يسجد بعد أن يكون اتخذ لذلك ، فأما المسجد من الأرض فموضع السجود نفسه ؛ وقيل : في قوله : وأن المساجد لله ؛ أراد أن السجود لله ، وهو جمع مسجد كقولك ضربت في الأرض . أبو بكر : سجد إذا انحنى وتطامن إلى الأرض . وأسجد الرجل : طأطأ رأسه وانحنى ، وكذلك البعير ؛ قال الأسدي أنشده أبو عبيد :
وقلن أسجد لليلى فأسجدا
يعني بعيرها أنه طأطأ رأسه لتركبه ؛ وقال حميد بن ثور يصف نساء :
فضول أزمتها أسجدت سجود النصارى لأربابها
يقول : لما ارتحلن ولوين فضول أزمة جمالهن على معاصمهن أسجدت لهن ؛ قال صواب إنشاده : ابن بري
فلما لوين على معصم وكف خضيب وأسوارها
فضول أزمتها ، أسجدت سجود النصارى لأحبارها
وسجدت وأسجدت إذا خفضت رأسها لتركب . وفي الحديث : كان يسجد للطالع كسرى أي يتطامن وينحني ؛ والطالع : هو السهم الذي يجاوز الهدف من أعلاه ، وكانوا يعدونه كالمقرطس ، والذي يقع عن يمينه وشماله يقال له عاصد ؛ والمعنى : أنه كان يسلم لراميه ويستسلم ؛ وقال الأزهري : معناه أنه كان يخفض رأسه إذا شخص سهمه ، وارتفع عن الرمية ليتقوم السهم فيصيب الدارة . والإسجاد : فتور الطرف . وعين ساجدة إذا كانت فاترة . والإسجاد : إدامة النظر مع سكون ؛ وفي الصحاح : إدامة النظر وإمراض الأجفان ؛ قال كثير :
أغرك مني أن دلك ، عندنا وإسجاد عينيك الصيودين ، رابح
: الإسجاد ، بكسر الهمزة ، اليهود ؛ وأنشد " الأسود : ابن الأعرابي
وافى بها كدارهم الإسجاد
أبو عبيدة : يقال اعطونا الإسجاد أي الجزية ، وروي بيت الأسود بالفتح كدراهم الأسجاد . قال : دراهم الأسجاد هي دراهم ضربها الأكاسرة وكان عليها صور ، وقيل : كان عليها صورة ابن الأنباري فمن أبصرها سجد لها أي طأطأ رأسه لها وأظهر الخضوع . قاله في تفسير شعر كسرى الأسود بن يعفر رواية المفضل مرقوم فيه علامة أي . . . ونخلة ساجدة إذا أمالها حملها . وسجدت النخلة إذا مالت . ونخل سواجد : مائلة ؛ عن أبي حنيفة ؛ وأنشد للبيد :
بين الصفا وخليج العين ساكنة غلب سواجد ، لم يدخل بها الخصر
قال : وزعم أن السواجد هنا المتأصلة الثابتة ؛ قال وأنشد في وصف بعير سانية : ابن الأعرابي
لولا الزمام اقتحم الأجاردا بالغرب ، أو دق النعام الساجدا
قال : كذا حكاه ابن سيده أبو حنيفة لم أغير من حكايته شيئا . وسجد : خضع ؛ قال الشاعر :
ترى الأكم فيها سجدا للحوافر
ومنه سجود الصلاة وهو وضع الجبهة على الأرض ولا خضوع أعظم منه . والاسم السجدة ، بالكسر ، وسورة السجدة ، بالفتح . وكل من ذل وخضع لما أمر به ، فقد سجد ؛ ومنه قوله تعالى : يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله وهم داخرون ؛ أي خضعا متسخرة لما سخرت له . وقال الفراء في قوله تعالى : والنجم والشجر يسجدان ؛ معناه يستقبلان الشمس ويميلان معها حتى ينكسر الفيء . ويكون السجود على جهة الخضوع والتواضع . كقوله عز وجل : ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ؛ الآية ويكون السجود بمعنى التحية ؛ وأنشد :
[ ص: 127 ]
ملك تدين له الملوك وتسجد
قال : ومن قال في قوله عز وجل : وخروا له سجدا ؛ سجود تحية لا عبادة ؛ وقال الأخفش : معنى الخرور في هذه الآية المرور لا السقوط والوقوع . وقوله عز وجل : ابن عباس وادخلوا الباب سجدا ؛ قال : باب ضيق ، وقال : سجدا ركعا ، وسجود الموات محمله في القرآن طاعته لما سخر له ؛ ومنه قوله تعالى : ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض ؛ إلى قوله : وكثير حق عليه العذاب ؛ وليس سجود الموات لله بأعجب من هبوط الحجارة من خشية الله ، وعلينا التسليم لله والإيمان بما أنزل من غير تطلب كيفية ذلك السجود وفقهه لأن الله - عز وجل - لم يفقهناه ، ونحو ذلك تسبيح الموات من الجبال وغيرها من الطيور والدواب يلزمنا الإيمان به والاعتراف بقصور أفهامنا عن فهمه ، كما قال الله - عز وجل : وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم .