بأس : الليث : البأساء اسم الحرب والمشقة والضرب . والبأس : العذاب . والبأس : الشدة في الحرب . وفي حديث علي - رضوان الله عليه : كنا إذا اشتد البأس اتقينا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - . يريد الخوف ولا يكون إلا مع الشدة . : البأس والبئيس على مثال فعل ، العذاب الشديد . ابن الأعرابي : البأس الحرب ثم كثر حتى قيل لا بأس عليك ، ولا بأس أي لا خوف ; قال ابن سيده قيس بن الخطيم :
يقول لي الحداد ، وهو يقودني إلى السجن لا تجزع فما بك من باس
أراد فما بك من بأس ، فخفف تخفيفا قياسيا لا بدليا ، ألا ترى أن فيها :
وتترك عذري وهو أضحى من الشمس
فلولا أن قوله من باس في حكم قوله من بأس ، مهموزا ; لما جاز أن يجمع بين بأس ، هاهنا مخففا ، وبين قوله من الشمس لأنه كان يكون أحد الضربين مردفا والثاني غير مردف . والبئس : كالبأس . وإذا قال الرجل لعدوه : لا بأس عليك فقد أمنه ; لأنه نفى البأس عنه ، وهو في لغة حمير لبات أي لا بأس عليك ، قال شاعرهم :
شرينا النوم ، إذ غضبت غلاب بتشهيد وعقد غير مين
تنادوا عند غدرهم : لبات ! وقد بردت معاذر ذي رعين
ولبات بلغتهم : لا بأس ; قال الأزهري : كذا وجدته في كتاب شمر . وفي الحديث : ، يعني الدنانير والدراهم المضروبة ، أي : لا تكسر إلا من أمر يقتضي كسرها ، إما لرداءتها أو شك في صحة نقدها ، وكره ذلك لما فيها من اسم الله تعالى ، وقيل : لأن فيه إضاعة المال ، وقيل : إنما نهى عن كسرها على أن تعاد تبرا ، فأما للنفقة فلا ، وقيل : كانت المعاملة بها في صدر الإسلام عددا لا وزنا ، وكان بعضهم يقص أطرافها فنهوا عنه . ورجل بئس : شجاع ، بئس بأسا وبؤس بأسة . نهى عن كسر السكة الجائزة بين المسلمين إلا من بأس أبو زيد : بؤس الرجل يبؤس بأسا إذا كان شديد البأس شجاعا ; حكاه أبو زيد في كتاب الهمز ، فهو بئيس ; على فعيل ، أي شجاع . وقوله عز وجل : ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد ; قيل : هم بنو حنيفة قاتلهم أبو بكر - رضي الله عنه - في أيام مسيلمة ، وقيل : هم هوازن ، وقيل : هم فارس والروم . والبؤس : الشدة والفقر . وبئس الرجل يبأس بؤسا وبأسا وبئيسا إذا افتقر واشتدت حاجته ، فهو بائس أي فقير ; وأنشد أبو عمرو :
وبيضاء من أهل المدينة لم تذق بئيسا ، ولم تتبع حمولة مجحد
قال : وهو اسم وضع موضع المصدر ; قال : البيت ابن بري ، وصواب إنشاده لبيضاء من للفرزدق أهل المدينة ; وقبله :
إذا شئت غناني من العاج قاصف على معصم ريان لم يتخدد
[ ص: 9 ] وفي حديث الصلاة : ; هو من البؤس الخضوع والفقر ، ويجوز أن يكون أمرا وخبرا ; ومنه حديث تقنع يديك وتبأس عمار : بؤس ابن سمية ! كأنه ترحم له من الشدة التي يقع فيها ; ومنه الحديث : كان يكره البؤس والتباؤس ; يعني عند الناس ، ويجوز التبؤس بالقصر والتشديد . قال : وقالوا بؤسا له في حد الدعاء ، وهو مما انتصب على إضمار الفعل غير المستعمل إظهاره . والبأساء والمبأسة : كالبؤس ; قال سيبويه بشر بن أبي خازم :
فأصبحوا بعد نعماهم بمبأسة والدهر يخدع أحيانا فينصرف
وقوله تعالى : فأخذناهم بالبأساء والضراء ; قال : البأساء الجوع والضراء في الأموال والأنفس . وبئس يبأس ويبئس ; الأخيرة نادرة ، قال الزجاج : هو . . . كرم يكرم على ما قلناه في نعم ينعم . وأبأس الرجل : حلت به البأساء ; عن ابن جني ، وأنشد : ابن الأعرابي
تبز عضاريط الخميس ثيابها فأبأست . . . يوم ذلك وابنما
والبائس : المبتلى ; قال : البائس من الألفاظ المترحم بها كالمسكين ، قال : وليس كل صفة يترحم بها وإن كان فيها معنى البائس والمسكين ، وقد بؤس بأسة وبئيسا ، والاسم البؤسى ; وقول سيبويه تأبط شرا :
قد ضقت من حبها ما لا يضيقني حتى عددت من البوس المساكين
قال : يجوز أن يكون عنى به جمع البائس ، ويجوز أن يكون من ذوي البؤس ، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه . والبائس : الرجل النازل به بلية أو عدم يرحم لما به . ابن سيده : يقال بوسا وتوسا وجوسا له بمعنى واحد . والبأساء : الشدة ; قال ابن الأعرابي الأخفش : بني على فعلاء وليس له أفعل لأنه اسم كما قد يجيء أفعل في الأسماء ليس معه فعلاء نحو أحمد . والبؤسى : خلاف النعمى ; : البأساء والبؤسى من البؤس ، قال ذلك الزجاج ، وقال غيره : هي البؤسى والبأساء ضد النعمى والنعماء ، وأما في الشجاعة والشدة فيقال البأس . وابتأس الرجل ، فهو مبتئس . ولا تبتئس أي لا تحزن ولا تشتك . والمبتئس : الكاره والحزين ; قال ابن دريد : حسان بن ثابت
ما يقسم الله أقبل غير مبتئس منه ، وأقعد كريما ناعم البال
أي غير حزين ولا كاره . قال : الأحسن فيه عندي قول من قال : إن مبتئسا مفتعل من البأس الذي هو الشدة ، ومنه قوله سبحانه : ابن بري فلا تبتئس بما كانوا يفعلون ; أي : فلا يشتد عليك أمرهم ، فهذا أصله لأنه لا يقال ابتأس بمعنى كره ، وإنما الكراهة تفسير معنوي ; لأن الإنسان إذا اشتد به أمر كرهه ، وليس اشتد بمعنى كره . ومعنى بيت حسان أنه يقول : ما يرزق الله تعالى من فضله أقبله راضيا به وشاكرا له عليه غير متسخط منه ، ويجوز في ( منه ) أن تكون متعلقة بأقبل أي : أقبله منه غير متسخط ولا مشتد أمره علي ; وبعده :
لقد علمت بأني غالبي خلقي على السماحة ، صعلوكا وذا مال
والمال يغشى أناسا لا طباخ بهم كالسل يغشى أصول الدندن البالي
والطباخ : القوة والسمن . والدندن : ما بلي وعفن من أصول الشجر . وقال : المبتئس المسكين الحزين ، وبه فسر قوله تعالى : الزجاج فلا تبتئس بما كانوا يعملون ; أي لا تحزن ولا تستكن . أبو زيد : وابتأس الرجل إذا بلغه شيء يكرهه ; قال لبيد :
في ربرب كنعاج صا رة يبتئسن بما لقينا
وفي الحديث في صفة أهل الجنة : " " ; بؤس يبؤس ، بالضم فيهما ، بأسا إذا اشتد . والمبتئس : الكاره والحزين . والبئوس : الظاهر البؤس . وبئس : نقيض نعم ; وقوله أنشده إن لكم أن تنعموا فلا تبؤسوا : ابن الأعرابي
إذا فرغت من ظهره بطنت له أنامل لم يبأس عليها دءوبها
فسره فقال : يصف زماما ، وبئسما دأبت أي : لم يقل لها بئسما عملت ; لأنها عملت فأحسنت ، قال : لم يسمع إلا في هذا البيت . وبئس : كلمة ذم ، ونعم : كلمة مدح . تقول : بئس الرجل زيد وبئست المرأة هند ، وهما فعلان ماضيان لا يتصرفان ; لأنهما أزيلا عن موضعهما ، فنعم منقول من قولك نعم فلان إذا أصاب نعمة ، وبئس منقول من بئس فلان إذا أصاب بؤسا ، فنقلا إلى المدح والذم فشابها الحروف فلم يتصرفا ، وفيهما لغات تذكر في ترجمة نعم - إن شاء الله تعالى . وفي حديث عائشة - رضي الله عنها : بئس أخو العشيرة ; بئس مهموز فعل جامع لأنواع الذم وهو ضد نعم في المدح ، قال : بئس ونعم هما حرفان لا يعملان في اسم علم ، وإنما يعملان في اسم منكور دال على جنس ، وإنما كانتا كذلك لأن نعم مستوفية لجميع المدح ، وبئس مستوفية لجميع الذم ، فإذا قلت : بئس الرجل دللت على أنه قد استوفى الذم الذي يكون في سائر جنسه ، وإذا كان معهما اسم جنس بغير ألف ولام فهو نصب أبدا ، فإذا كانت فيه الألف واللام فهو رفع أبدا ، وذلك قولك : نعم رجلا زيد ، ونعم الرجل زيد ، وبئس رجلا زيد ، وبئس الرجل زيد ، والقصد في بئس ونعم أن يليهما اسم منكور أو اسم جنس ، وهذا قول الزجاج الخليل ، ومن العرب من يصل بئس بما قال الله عز وجل : ولبئس ما شروا به أنفسهم . وروي . والعرب تقول : بئسما لك أن تفعل كذا وكذا ، إذا أدخلت ما في بئس أدخلت بعد ما أن مع الفعل : بئسما لك أن تهجر أخاك وبئسما لك أن تشتم الناس ; وروى جميع النحويين : بئسما تزويج ولا مهر ، والمعنى فيه : بئس تزويج ولا مهر ; قال عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " بئسما لأحدكم أن يقول نسيت أنه كيت وكيت ، أما إنه ما نسي ولكنه أنسي " : بئس إذا وقعت على ما جعلت " ما " معها بمنزلة اسم منكور ; لأن بئس ونعم لا يعملان في اسم علم إنما يعملان في اسم [ ص: 10 ] منكور دال على جنس . وفي التنزيل العزيز : الزجاج بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون ; قرأ أبو عمرو وعاصم والكسائي وحمزة : بعذاب بئيس ، على فعيل ، وقرأ ابن كثير : بئيس ، على فعيل وكذلك قرأها شبل وأهل مكة وقرأ ابن عامر : بئس ، على فعل ، بهمزة وقرأها نافع وأهل مكة : بيس ، بغير همز . قال : عذاب بئس وبيس وبئيس أي شديد ، وأما قراءة من قرأ بعذاب بيئس فبنى الكلمة مع الهمزة على مثال فيعل ، وإن لم يكن ذلك إلا في المعتل نحو سيد وميت ، وبابهما يوجهان العلة وإن لم تكن حرف علة فإنها معرضة للعلة وكثيرة الانقلاب عن حرف العلة ، فأجريت مجرى التعرية في باب الحذف والعوض . وبيس كخيس : يجعلها بين بين من بئس ثم يحولها بعد ذلك ، وليس بشيء . وبيس على مثال سيد وهذا بعد بدل الهمزة في بيئس . والأبؤس : جمع بؤس ، من قولهم : يوم بؤس ويوم نعم . والأبؤس أيضا : الداهية . وفي المثل : عسى الغوير أبؤسا . وقد أبأس إبآسا ; قال ابن سيده : الكميت
قالوا : أساء بنو كرز ، فقلت لهم : عسى الغوير بإبآس وإغوار
قال : الصحيح أن الأبؤس جمع بأس ، وهو بمعنى الأبؤس ; لأن باب فعل أن يجمع في القلة على أفعل نحو كعب وأكعب وفلس وأفلس ونسر وأنسر ، وباب فعل أن يجمع في القلة على أفعال نحو قفل وأقفال وبرد وأبراد وجند وأجناد . يقال : بئس الشيء يبئس بؤسا وبأسا إذا اشتد ، قال : وأما قوله والأبؤس الداهية ، قال : صوابه أن يقول الدواهي ; لأن الأبؤس جمع لا مفرد ، وكذلك هو في قول ابن بري الزباء : عسى الغوير أبؤسا ، هو جمع بأس على ما تقدم ذكره ، وهو مثل أول من تكلم به الزباء . قال : التقدير فيه : عسى الغوير أن يحدث أبؤسا ، قال : هو جمع بأس ، ولم يقل : جمع بؤس ، وذلك أن ابن الكلبي الزباء لما خافت من قصير قيل لها : ادخلي الغار الذي تحت قصرك ، فقالت : عسى الغوير أبؤسا أي إن فررت من بأس واحد فعسى أن أقع في أبؤس ، وعسى هاهنا إشفاق ; قال : عسى طمع وإشفاق ، يعني : أنها طمع في مثل قولك : عسى زيد أن يسلم ، وإشفاق مثل هذا المثل : عسى الغوير أبؤسا ، وفي مثل قول بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم : عسى أن يضرني شبهه يا رسول الله ، فهذا إشفاق لا طمع ، ولم يفسر معنى هذا المثل ولم يذكر في أي معنى يتمثل به ; قال سيبويه : هذا المثل يضرب للمتهم بالأمر ، ويشهد بصحة قوله قول ابن الأعرابي عمر - رضي الله عنه - لرجل أتاه بمنبوذ : عسى الغوير أبؤسا ، وذلك أنه اتهمه أن يكون صاحب المنبوذ ; وقال : هو مثل لكل شيء يخاف أن يأتي منه شر ; قال : وأصل هذا المثل أنه كان غار فيه ناس فانهار عليهم أو أتاهم فيه فقتلهم . وفي حديث الأصمعي عمر - رضي الله عنه : عسى الغوير أبؤسا ; وهو جمع بأس ، وانتصب على أنه خبر عسى . والغوير : ماء لكلب ، ومعنى ذلك عسى أن تكون جئت بأمر عليك فيه تهمة وشدة .