أله : الإله : الله - عز وجل - ، وكل ما اتخذ من دونه معبودا إله عند متخذه ، والجمع آلهة . والآلهة : الأصنام ، سموا بذلك لاعتقادهم أن العبادة تحق لها ، وأسماؤهم تتبع اعتقاداتهم لا ما عليه الشيء في نفسه ، وهو بين الإلهة والألهانية . وفي حديث : إذا وقع العبد في ألهانية الرب ، ومهيمنية الصديقين ، ورهبانية الأبرار لم يجد أحدا يعجبه يأخذ بقلبه ، أي لم يجد أحدا يعجبه ولم يحب إلا الله سبحانه ، قال وهيب بن الورد ابن الأثير : هو مأخوذ من إله ، وتقديرها فعلانية ، بالضم ، تقول إله بين الإلهية والألهانية ، وأصله من أله يأله إذا تحير ، يريد إذا وقع العبد في عظمة الله وجلاله وغير ذلك من صفات الربوبية وصرف وهمه إليها ، أبغض الناس حتى لا يميل قلبه إلى أحد . الأزهري : قال الليث : بلغنا أن اسم الله الأكبر هو الله لا إله إلا هو وحده ، قال : وتقول العرب لله ما فعلت ذاك ، يريدون والله ما فعلت . قال الخليل : الله لا تطرح الألف من الاسم إنما هو الله - عز ذكره - على التمام ; قال : وليس هو من الأسماء التي يجوز منها اشتقاق فعل كما يجوز في الرحمن والرحيم . وروى المنذري عن أبي الهيثم أنه سأله عن اشتقاق اسم الله - تعالى - في اللغة ، فقال : كان حقه إلاه ، أدخلت الألف واللام ، تعريفا فقيل ألإلاه ، ثم حذفت العرب الهمزة استثقالا لها ، فلما تركوا الهمزة حولوا كسرتها في اللام التي هي لام التعريف ، وذهبت الهمزة أصلا فقالوا أللاه ، فحركوا لام التعريف التي لا تكون إلا ساكنة ، ثم التقى لامان متحركتان فأدغموا الأولى في الثانية ، فقالوا : الله ، كما قال الله - عز وجل - : لكنا هو الله ربي ; معناه لكن أنا ، ثم إن العرب لما سمعوا اللهم جرت في كلام الخلق توهموا أنه إذا ألقيت الألف واللام من الله كان الباقي لاه ، فقالوا لاهم ; وأنشد :
لاهم أنت تجبر الكسيرا أنت وهبت جلة جرجورا
ويقولون : لاه أبوك ، يريدون الله أبوك ، وهي لام التعجب ; وأنشد لذي الإصبع :
لاه ابن عمي ما يخا ف الحادثات من العواقب
قال أبو الهيثم : وقد قالت العرب بسم الله بغير مدة اللام وحذف مدة لاه ; وأنشد :
أقبل سيل جاء من أمر الله يحرد حرد الجنة المغله
وأنشد :
لهنك من عبسية لوسيمة على هنوات كاذب من يقولها
إنما هو لله إنك ، فحذف الألف واللام فقال لاه إنك ، ثم ترك همزة إنك ، فقال لهنك ; وقال الآخر :
أبائنة سعدى نعم وتماضر لهنا لمقضي علينا التهاجر
يقول : لاه إنا ، فحذف مدة لاه وترك همزة إنا ، كقوله :
لاه ابن عمك والنوى يعدو
، وقال الفراء في قول الشاعر لهنك : أراد لأنك فأبدل الهمزة هاء مثل هراق الماء وأراق ، وأدخل اللام في " إن " لليمين ، ولذلك أجابها باللام في لوسيمة ، قال أبو زيد : قال لي : ألفت كتابا في معاني القرآن ، فقلت له : أسمعت الحمد لاه رب العالمين ؟ فقال : لا ، فقلت : اسمعها . قال الكسائي الأزهري : ولا يجوز في القرآن إلا الحمد لله بمدة اللام ، وإنما يقرأ ما حكاه أبو زيد الأعراب ومن لا يعرف سنة القرآن . قال أبو الهيثم : فالله أصله إلاه ، قال الله - عز وجل - : ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق . قال : ولا يكون إلها حتى يكون معبودا ، وحتى يكون لعابده خالقا ورازقا ومدبرا ، وعليه مقتدرا فمن لم يكن كذلك فليس بإله ، وإن عبد ظلما ، بل هو مخلوق ومتعبد . قال : وأصل إله ولاه فقلبت الواو همزة كما قالوا للوشاح إشاح وللوجاح - وهو الستر - إجاح ، ومعنى ولاه أن الخلق يولهون إليه في حوائجهم ، ويضرعون إليه فيما يصيبهم ، ويفزعون إليه في كل ما ينوبهم ، كما يوله كل طفل إلى أمه . وقد سمت العرب الشمس لما عبدوها إلاهة . والألهة : الشمس الحارة ; وحكي عن ثعلب ، والأليهة والألاهة والإلاهة وألاهة كله الشمس اسم لها ، الضم في أولها عن ; قالت ابن الأعرابي مية بنت أم عتبة بن الحارث كما قال : ابن بري
تروحنا من اللعباء عصرا فأعجلنا الإلهة أن تئوبا
على مثل ابن مية فانعياه تشق نواعم البشر الجيوبا
قال : وقيل هو لبنت ابن بري عبد الحارث اليربوعي ، ويقال لنائحة عتيبة بن الحارث قال : وقال أبو عبيدة هو لأم البنين بنت عتيبة بن الحارث ترثيه ; قال : ورواه ابن سيده ألاهة ، قال : ورواه بعضهم فأعجلنا الألاهة يصرف ولا يصرف . غيره : وتدخلها الألف واللام ولا تدخلها ، وقد جاء على هذا غير شيء من دخول لام المعرفة الاسم مرة وسقوطها أخرى . قالوا : لقيته الندرى وفي ندرى ، وفينة والفينة بعد الفينة ، ونسر والنسر اسم صنم ، فكأنهم سموها الإلهة لتعظيمهم لها وعبادتهم إياها ، فإنهم كانوا يعظمونها ويعبدونها ، وقد أوجدنا الله - عز وجل - ذلك في كتابه حين قال : ابن الأعرابي ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون . : والإلاهة والألوهة والألوهية العبادة . ، وقد قرئ : ابن سيده ويذرك وآلهتك ، وقرأ ابن [ ص: 140 ] عباس : ( ويذرك وإلاهتك ) بكسر الهمزة أي ، وعبادتك ; وهذه الأخيرة عند ثعلب كأنها هي المختارة ، قال : لأن فرعون كان يعبد ولا يعبد ، فهو على هذا ذو إلاهة لا ذو آلهة ، والقراءة الأولى أكثر والقراء عليها . قال : يقوي ما ذهب إليه ابن بري في قراءته : ( ويذرك وإلاهتك ) ، قول ابن عباس فرعون : أنا ربكم الأعلى وقوله : ما علمت لكم من إله غيري ; وبهذا قال - سبحانه - : فأخذه الله نكال الآخرة والأولى ; وهو الذي أشار إليه الجوهري بقوله عن : إن ابن عباس فرعون كان يعبد . ويقال : إله بين الإلهة والألهانية . وكانت العرب في الجاهلية يدعون معبوداتهم من الأوثان والأصنام آلهة ، وهي جمع إلاهة ; قال الله - عز وجل - : ويذرك وآلهتك ، وهي أصنام عبدها قوم فرعون معه . والله : أصله إلاه ، على فعال بمعنى مفعول ، لأنه مألوه أي معبود ، كقولنا إمام فعال بمعنى مفعول لأنه مؤتم به ، فلما أدخلت عليه الألف واللام حذفت الهمزة تخفيفا لكثرته في الكلام ، ولو كانتا عوضا منها لما اجتمعتا مع المعوض منه في قولهم الإلاه ، وقطعت الهمزة في النداء للزومها تفخيما لهذا الاسم . قال الجوهري : وسمعت أبا علي النحوي يقول إن الألف واللام عوض منها ، قال : ويدل على ذلك استجازتهم لقطع الهمزة الموصولة الداخلة على لام التعريف في القسم والنداء ، وذلك قولهم : أفألله لتفعلن ويا ألله اغفر لي ، ألا ترى أنها لو كانت غير عوض لم تثبت كما لم تثبت في غير هذا الاسم ؟ قال : ولا يجوز أيضا أن يكون للزوم الحرف لأن ذلك يوجب أن تقطع همزة الذي والتي ، ولا يجوز أيضا أن يكون لأنها همزة مفتوحة وإن كانت موصولة كما لم يجز في : ايم الله وايمن الله التي هي همزة وصل ، فإنها مفتوحة ، قال : ولا يجوز أيضا أن يكون ذلك لكثرة الاستعمال ، لأن ذلك يوجب أن تقطع الهمزة أيضا في غير هذا مما يكثر استعمالهم له ، فعلمنا أن ذلك لمعنى اختصت به ليس في غيرها ، ولا شيء أولى بذلك المعنى من أن يكون المعوض من الحرف المحذوف الذي هو الفاء ، وجوز أن يكون أصله لاها على ما نذكره . قال سيبويه عند قول ابن بري الجوهري : ولو كانتا عوضا منها لما اجتمعتا مع المعوض عنه في قولهم الإله ، قال : هذا رد على أبي علي الفارسي لأنه كان يجعل الألف واللام في اسم الباري - سبحانه - عوضا من الهمزة ، ولا يلزمه ما ذكره الجوهري من قولهم الإله ، لأن اسم الله لا يجوز فيه الإله ، ولا يكون إلا محذوف الهمزة ، تفرد - سبحانه - بهذا الاسم لا يشركه فيه غيره ، فإذا قيل : الإلاه انطلق على الله - سبحانه - وعلى ما يعبد من الأصنام ، وإذا قلت : الله لم ينطلق إلا عليه - سبحانه وتعالى - ؛ ولهذا جاز أن ينادى اسم الله ، وفيه لام التعريف وتقطع همزته ، فيقال يا ألله ، ولا يجوز يالإله على وجه من الوجوه مقطوعة همزته ولا موصولة . قال : وقيل في اسم الباري - سبحانه - إنه مأخوذ من أله يأله إذا تحير ، لأن العقول تأله في عظمته . وأله يأله ألها أي تحير ، وأصله وله يوله ولها . وقد ألهت على فلان أي اشتد جزعي عليه ، مثل ولهت ، وقيل : هو مأخوذ من أله يأله إلى كذا أي لجأ إليه لأنه - سبحانه - المفزع الذي يلجأ إليه في كل أمر ; قال الشاعر :
ألهت إلينا والحوادث جمة
، قال آخر :
ألهت إليها والركائب وقف
والتأله : التنسك والتعبد . والتأليه : التعبيد ; قال :
لله در الغانيات المده ! سبحن واسترجعن من تألهي
: قالوا يا ألله فقطعوا ، قال : حكاه ابن سيده ، وهذا نادر . وحكى سيبويه ثعلب أنهم يقولون : يا الله ، فيصلون وهما لغتان يعني القطع والوصل ; وقول الشاعر :
إني إذا ما حدث ألما دعوت يا اللهم يا اللهما
فإن الميم المشددة بدل من يا ، فجمع بين البدل والمبدل منه ; وقد خففها الأعشى فقال :
كخلفة من أبي رباح يسمعها لاهم الكبار
وإنشاد العامة :
يسمعها لاهه الكبار
قال : وأنشده : الكسائي
يسمعها الله والله كبار
الأزهري : أما إعراب اللهم فضم الهاء وفتح الميم لا اختلاف فيه بين النحويين في اللفظ ، فأما العلة والتفسير فقد اختلف فيه النحويون ، فقال الفراء : معنى اللهم يا ألله أم بخير ، قال : هذا إقدام عظيم لأن كل ما كان من هذا الهمز الذي طرح فأكثر الكلام الإتيان به . يقال : ويل أمه وويل امه ، والأكثر إثبات الهمزة ، ولو كان كما قال هذا القائل لجاز الله أومم والله أم ، وكان يجب أن يلزمه يا لأن العرب تقول يا ألله اغفر لنا ، ولم يقل أحد من العرب إلا اللهم ، ولم يقل أحد يا اللهم ، قال الله - عز وجل - : الزجاج قل اللهم فاطر السماوات والأرض فهذا القول يبطل من جهات : إحداها أن " يا " ليست في الكلام ، والأخرى أن هذا المحذوف لم يتكلم به على أصله كما تكلم بمثله ، وأنه لا يقدم أمام الدعاء هذا الذي ذكره ; قال : وزعم الزجاج الفراء أن الضمة التي هي في الهاء ضمة الهمزة التي كانت في أم وهذا محال أن يترك الضم الذي هو دليل على نداء المفرد ، وأن يجعل في اسم الله ضمة أم ، هذا إلحاد في اسم الله ، قال : وزعم الفراء أن قولنا هلم مثل ذلك أن أصلها هل أم ، وإنما هي لم وها التنبيه ، قال : قال الفراء إن " يا " قد يقال مع اللهم فيقال يا أللهم ، واستشهد بشعر لا يكون مثله حجة :
وما عليك أن تقولي كلما صليت أو سبحت : يا أللهما
اردد علينا شيخنا مسلما
قال أبو إسحاق : وقال الخليل و وجميع النحويين الموثوق بعلمهم : اللهم بمعنى يا ألله ، وإن الميم المشددة عوض من يا ، لأنهم لم [ ص: 141 ] يجدوا يا مع هذه الميم في كلمة واحدة ، ووجدوا اسم الله مستعملا بيا إذا لم يذكروا الميم في آخر الكلمة ، فعلموا أن الميم في آخر الكلمة بمنزلة يا في أولها ، والضمة التي هي في الهاء هي ضمة الاسم المنادى المفرد ، والميم مفتوحة لسكونها وسكون الميم قبلها ; سيبويه الفراء : ومن العرب من يقول إذا طرح الميم يا ألله اغفر لي ، بهمزة ، ومنهم من يقول يا الله بغير همز ، فمن حذف الهمزة فهو على السبيل ، لأنها ألف ولام مثل لام الحارث من الأسماء وأشباهه . ومن همزها توهم الهمزة من الحرف إذ كانت لا تسقط منه الهمزة ; وأنشد :
مبارك هو ومن سماه على اسمك اللهم يا ألله
قال : وكثرت اللهم في الكلام حتى خففت ميمها في بعض اللغات . قال : العرب تقول يا ألله اغفر لي ، ويلله اغفر لي ، قال : وسمعت الكسائي الخليل يقول : يكرهون أن ينقصوا من هذا الاسم شيئا يا ألله أي لا يقولون يله . في قوله تعالى : الزجاج قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا ، ذكر أن اللهم كالصوت ، وأنه لا يوصف ، وأن ربنا منصوب على نداء آخر ; سيبويه الأزهري : وأنشد قطرب :
إني إذا ما معظم ألما أقول يا اللهم يا اللهما
قال : والدليل على صحة قول الفراء وأبي العباس في اللهم أنه بمعنى يا ألله أم ، إدخال العرب يا على اللهم ; وقول الشاعر :
ألا لا بارك الله في سهيل إذا ما الله بارك في الرجال
إنما أراد الله فقصر ضرورة . والإلاهة : الحية العظيمة ; عن ثعلب ، وهي الهلال . والإلاهة : اسم موضع بالجزيرة ; قال الشاعر :
كفى حزنا أن يرحل الركب غدوة وأصبح في عليا إلاهة ثاويا
وكان قد نهسته حية . قال : قال بعض أهل اللغة : الرواية " وأترك في عليا ألاهة " ، بضم الهمزة ، قال : وهي مغارة سماوة كلب ; قال ابن بري : وهذا هو الصحيح لأن بها دفن قائل هذا البيت ، وهو ابن بري أفنون التغلبي ، واسمه صريم بن معشر ; وقبله :
لعمرك ما يدري الفتى كيف يتقي إذا هو لم يجعل له الله واقيا