حقق : الحق : نقيض الباطل ، وجمعه حقوق وحقاق ، وليس له بناء أدنى عدد . وفي حديث التلبية : أي غير باطل ، وهو مصدر مؤكد لغيره أي أنه أكد به معنى : ألزم طاعتك الذي دل عليه لبيك ، كما تقول : هذا لبيك حقا حقا عبد الله حقا فتؤكد به وتكرره لزيادة التأكيد ، وتعبدا مفعول له ، وحكى : لحق أنه ذاهب بإضافة حق إلى أنه كأنه قال : ليقين ذاك أمرك ، وليست في كلام كل العرب ، فأمرك هو خبر يقين لأنه قد أضافه إلى ذاك وإذا أضافه إليه لم يجز أن يكون خبرا عنه ، قال سيبويه : سمعنا فصحاء العرب يقولونه ، وقال سيبويه الأخفش : لم أسمع هذا من العرب إنما وجدناه في الكتاب ووجه جوازه ، على قلته ، طول الكلام بما أضيف هذا المبتدأ إليه ، وإذا طال الكلام جاز فيه من الحذف ما يجوز فيه إذا قصر ، ألا ترى إلى ما حكاه الخليل عنهم : ما أنا بالذي قائل لك شيئا ؟ ولو قلت : ما أنا بالذي قائم لقبح . وقوله تعالى : ولا تلبسوا الحق بالباطل قال أبو إسحاق : الحق أمر النبي صلى الله عليه وسلم ، وما أتى به من القرآن ; وكذلك قال في قوله تعالى : بل نقذف بالحق على الباطل . وحق الأمر يحق ويحق حقا وحقوقا : صار حقا وثبت ; قال الأزهري : معناه وجب يجب وجوبا ، وحق عليه القول وأحققته أنا . وفي التنزيل : قال الذين حق عليهم القول أي ثبت ، قال : هم الجن والشياطين . وقوله تعالى : الزجاج ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين أي وجبت وثبتت ; وكذلك : لقد حق القول على أكثرهم ; وحقه يحقه حقا وأحقه ، كلاهما : أثبته وصار عنده حقا يشك فيه . وأحقه : صيره حقا . وحقه وحققه : صدقه ; وقال : صدق قائله . وحقق الرجل إذا قال : هذا الشيء هو الحق كقولك صدق . ويقال : أحققت الأمر إحقاقا إذا أحكمته وصححته ; وأنشد : ابن دريد
قد كنت أوعزت إلى العلاء بأن يحق وذم الدلاء
وحق الأمر يحقه حقا وأحقه : كان منه على يقين ; تقول : حققت الأمر وأحققته إذا كنت على يقين منه . ويقال : ما لي فيك حق ولا حقاق أي خصومة . وحق حذر الرجل يحقه حقا وحققت حذره وأحققته أي فعلت ما كان يحذره . وحققت الرجل وأحققته إذا أتيته ; حكاه أبو عبيد . قال الأزهري : ولا تقل حق حذرك ، وقال : حققت الرجل وأحققته إذا غلبته على الحق وأثبته عليه . قال : وحقه على الحق وأحقه غلبه عليه ، واستحقه طلب منه حقه . واحتق القوم : قال كل واحد منهم : الحق في يدي . وفي حديث ابن سيده في قراء القرآن : متى ما تغلوا في القرآن تحتقوا ، يعني المراء في القرآن ، ومعنى تحتقوا تختصموا فيقول كل واحد منهم : الحق بيدي ; ومعي ومنه حديث الحضانة : فجاء رجلان يحتقان في ولد أي يختصمان ويطلب كل واحد منهما حقه ; ومنه الحديث : ابن عباس وحديث من يحاقني في ولدي ؟ وهب : كان فيما كلم الله أيوب عليه السلام : أتحاقني بخطئك ; ومنه كتابه لحصين : إن له كذا وكذا لا يحاقه فيها أحد . وفي أبي بكر رضي الله عنه : أنه خرج في الهاجرة إلى المسجد فقيل له : ما أخرجك ؟ قال : ما أخرجني إلا ما أجد من حاق الجوع ; أي صادقه وشدته ، ويروى بالتخفيف من حاق به يحيق حيقا وحاقا إذا أحدق به ، يريد من اشتمال الجوع عليه ، فهو مصدر أقامه مقام الاسم ، وهو مع التشديد اسم فاعل من حق يحق . وفي حديث تأخير الصلاة : ( حديث ) أي تضيقون وقتها إلى ذلك الوقت . يقال : هو في حاق من كذا أي في ضيق ; قال وتحتقونها إلى شرق الموتى ابن الأثير : هكذا رواه بعض المتأخرين وشرحه ، قال : والرواية المعروفة بالخاء المعجمة والنون ، وسيأتي ذكره . والحق : من أسماء الله ، عز وجل ، وقيل من صفاته ; قال ابن الأثير : هو الموجود حقيقة المتحقق وجوده وإلهيته . والحق : ضد الباطل . وفي التنزيل : ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق . وقوله تعالى : ولو اتبع الحق أهواءهم قال ثعلب : الحق هنا الله ، عز وجل ، وقال : ويجوز أن يكون الحق هنا التنزيل أي لو كان القرآن بما يحبونه لفسدت السماوات والأرض . وقوله تعالى : الزجاج وجاءت سكرة الموت بالحق معناه جاءت السكرة التي تدل الإنسان أنه ميت بالحق أي بالموت الذي خلق له . قال : وروي عن ابن سيده أبي بكر رضي الله عنه : وجاءت سكرة الحق بالموت ، والمعنى واحد ، وقيل : الحق هنا الله تعالى . وقول حق : وصف به ، كما تقول قول باطل . وقال اللحياني : وقوله تعالى : ذلك عيسى ابن مريم قول الحق إنما هو على إضافة الشيء إلى نفسه ; قال الأزهري : رفع القول وجعل الحق هو الله ، وقد نصب " قول " قوم من القراء يريدون : ذلك الكسائي عيسى ابن مريم قولا حقا ، وقرأ من قرأ : فالحق والحق أقول برفع الحق الأول فمعناه أنا الحق . وقال الفراء في قوله تعالى : قال فالحق والحق أقول قرأ القراء الأول بالرفع والنصب ، روي الرفع عن المعنى فالحق مني وأقول الحق ، وقد نصبهما معا كثير من القراء ، منهم من يجعل الأول على معنى الحق لأملأن ، ونصب الثاني بوقوع الفعل عليه ليس فيه اختلاف ; قال عبد الله بن عباس : ومن قرأ ابن سيده فالحق والحق أقول بنصب الحق الأول ، فتقديره فأحق الحق حقا ; وقال ثعلب : تقديره فأقول الحق حقا ; ومن قرأ فالحق ، أراد فبالحق وهي قليلة لأن حروف الجر تضمر . وأما قول الله - عز وجل : [ ص: 177 ] هنالك الولاية لله الحق فالنصب في الحق جائز يريد حقا أي أحق الحق وأحقه حقا ، قال : وإن شئت خفضت الحق فجعلته صفة لله ، وإن شئت رفعته فجعلته من صفة الولاية هنالك الولاية الحق لله . وفي الحديث : أي رؤيا صادقة ليست من أضغاث الأحلام ، وقيل : فقد رآني حقيقة غير مشبه . ومنه الحديث : أمينا حق أمين أي صدقا ، وقيل : واجبا ثابتا له الأمانة ; ومنه الحديث : ( من رآني فقد رأى الحق ) أي ثوابهم الذي وعدهم به فهو واجب الإنجاز ثابت بوعده الحق ; ومنه الحديث : ( أتدري ما حق العباد على الله عمر ) . ويحق عليك أن تفعل كذا : يجب ، والكسر لغة ويحق لك أن تفعل ويحق لك تفعل ; قال : الحق بعدي مع
يحق لمن أبو موسى أبوه يوفقه الذي نصب الجبالا
وأنت حقيق عليك ذلك ، وحقيق علي أن أفعله ; قال شمر : تقول العرب حق علي أن أفعل ذلك وحق ، وإني لمحقوق أن أفعل خيرا ، وهو حقيق به ومحقوق به أي خليق له ، والجمع أحقاء ومحقوقون . وقال الفراء : حق لك أن تفعل ذلك وحق ، وإني لمحقوق أن أفعل كذا ، فإذا قلت : حق ، قلت لك ، وإذا قلت : حق ، قلت عليك ، قال : وتقول يحق عليك أن تفعل كذا وحق لك ، ولم يقولوا حققت أن تفعل . وقوله - تعالى : وأذنت لربها وحقت أي وحق لها أن تفعل . ومعنى قول من قال حق عليك أن تفعل وجب عليك . وقالوا : حق أن تفعل وحقيق أن تفعل . وفي التنزيل : حقيق على أن لا أقول على الله إلا الحق . وحقيق في حق وحق ، فعيل بمعنى مفعول ، كقولك أنت حقيق أن تفعله أي محقوق أن تفعله ، وتقول : أنت محقوق أن تفعل ذلك ; قال الشاعر :
قصر فإنك بالتقصير محقوق
وفي التنزيل : فحق علينا قول ربنا . ويقال للمرأة : أنت حقيقة لذلك ، يجعلونه كالاسم ، وأنت محقوقة لذلك ، وأنت محقوقة أن تفعلي ذلك ; وأما قول الأعشى :
وإن امرأ أسرى إليك ودونه من الأرض موماة ويهماء سملق
لمحقوقة أن تستجيبي لصوته وأن تعلمي أن المعان موفق
فإنه أراد : لخلة محقوقة ، يعني بالخلة الخليل ، ولا تكون الهاء في محقوقة للمبالغة لأن المبالغة إنما هي في أسماء الفاعلين دون المفعولين ، ويجوز أن يكون التقدير لمحقوقة أنت ، لأن الصفة إذا جرت على غير موصوفها لم يكن عند أبي الحسن الأخفش بد من إبراز الضمير ، وهذا كله تعليل الفارسي ; وقول : الفرزدق
إذا قال عاو من معد قصيدة بها جرب ، عدت علي بزوبرا
فينطقها غيري وأرمى بذنبها فهذا قضاء حقه أن يغيرا
أي حق له . والحق واحد الحقوق ، والحقة والحقة أخص منه ، وهو في معنى الحق ; قال الأزهري : كأنها أوجب وأخص ، تقول هذه حقتي أي حقي . وفي الحديث : أي حظه ونصيبه الذي فرض له . ومنه حديث أنه أعطى كل ذي حق حقه ولا وصية لوارث عمر رضي الله عنه لما طعن أوقظ للصلاة ، فقال : الصلاة والله إذن ولا حق ; أي ولا حظ في الإسلام لمن تركها ، وقيل : أراد الصلاة مقضية إذن ولا حق مقضي غيرها ، يعني أن في عنقه حقوقا جمة يجب عليه الخروج عن عهدتها وهو غير قادر عليه ، فهب أنه قضى حق الصلاة فما بال الحقوق الأخر ؟ وفي الحديث : ليلة الضيف حق فمن أصبح بفنائه ضيف فهو عليه دين ; جعلها حقا من طريق المعروف والمروءة ولم يزل قرى الضيف من شيم الكرام ومنع القرى مذموم ; ومنه الحديث : أيما رجل ضاف قوما فأصبح محروما فإن نصره حق على كل مسلم حتى يأخذ قرى ليلته من زرعه وماله ; وقال الخطابي : يشبه أن يكون هذا في الذي يخاف التلف على نفسه ويجد ما يأكل فله أن يتناول من مال أخيه ما يقيم نفسه ، وقد اختلف الفقهاء في حكم ما يأكله هل يلزمه في مقابلته شيء أم لا . قال : قال ابن سيده وقالوا هذا العالم حق العالم ; يريدون بذلك التناهي وأنه قد بلغ الغاية فيما يصفه من الخصال ، قال : وقالوا هذا عبد الله الحق لا الباطل ، دخلت فيه اللام كدخولها في قولهم أرسلها العراك ، إلا أنه قد تسقط منه فتقول حقا لا باطلا . وحق لك أن تفعل وحققت أن تفعل وما كان يحقك أن تفعله في معنى ما حق لك . وأحق عليك القضاء فحق أي أثبت فثبت ، والعرب تقول : حققت عليه القضاء أحقه حقا وأحققته أحقه إحقاقا ; أي أوجبته . قال سيبويه الأزهري : قال أبو عبيد : ولا أعرف ما قال في حققت الرجل وأحققته أي غلبته على الحق . وقوله - تعالى : الكسائي حقا على المحسنين منصوب على معنى حق ذلك عليهم حقا ; هذا قول أبي إسحاق النحوي ; وقال الفراء في نصب قوله حقا على المحسنين وما أشبهه في الكتاب : إنه نصب من جهة الخبر لا أنه من نعت قوله : متاعا بالمعروف حقا قال : وهو كقولك عبد الله في الدار حقا ، إنما نصب حقا من نية كلام المخبر كأنه قال : أخبركم بذلك حقا ; قال الأزهري : هذا القول يقرب مما قاله أبو إسحاق ؛ لأنه جعله مصدرا مؤكدا كأنه قال أخبركم بذلك أحقه حقا ; قال أبو زكريا الفراء : وكل ما كان في القرآن من نكرات الحق أو معرفته أو ما كان في معناه مصدرا ، فوجه الكلام فيه النصب كقول الله - تعالى : وعد الحق و وعد الصدق والحقيقة ما يصير إليه حق الأمر ووجوبه . وبلغ حقيقة الأمر أي يقين شأنه . وفي الحديث : ( ) يعني خالص الإيمان ومحضه وكنهه . وحقيقة الرجل : ما يلزمه حفظه ومنعه ويحق عليه الدفاع عنه من أهل بيته ; والعرب تقول : فلان يسوق الوسيقة وينسل الوديقة ويحمي الحقيقة ; فالوسيقة الطريدة من الإبل ، سميت وسيقة لأن طاردها يسقها إذا ساقها أي يقبضها ، والوديقة شدة الحر ، والحقيقة ما يحق عليه أن يحميه ، وجمعها الحقائق . والحقيقة في [ ص: 178 ] اللغة : ما أقر في الاستعمال على أصل وضعه ، والمجاز ما كان بضد ذلك ، وإنما يقع المجاز ويعدل إليه عن الحقيقة لمعان ثلاثة : وهي الاتساع والتوكيد والتشبيه ، فإن عدم هذه الأوصاف كانت الحقيقة البتة ، وقيل : الحقيقة الراية ; قال لا يبلغ المؤمن حقيقة الإيمان حتى لا يعيب مسلما بعيب هو فيه عامر بن الطفيل :
لقد علمت عليا هوازن أنني أنا الفارس الحامي حقيقة جعفر
وقيل : الحقيقة الحرمة ، والحقيقة الفناء . وحق الشيء يحق ، بالكسر ، حقا أي وجب . وفي حديث حذيفة : ما حق القول على بني إسرائيل حتى استغنى الرجال بالرجال والنساء بالنساء أي وجب ولزم . وفي التنزيل : ولكن حق القول مني . وأحققت الشيء أي أوجبته . وتحقق عنده الخبر أي صح . وحقق قوله وظنه تحقيقا أي صدق . وكلام محقق أي رصين ; قال الراجز :
دع ذا وحبر منطقا محققا
والحق : صدق الحديث . والحق : اليقين بعد الشك . وأحق الرجل : قال شيئا أو ادعى شيئا فوجب له . واستحق الشيء : استوجبه . وفي التنزيل : فإن عثر على أنهما استحقا إثما أي استوجباه بالخيانة ، وقيل : معناه فإن اطلع على أنهما استوجبا إثما ; أي خيانة باليمين الكاذبة التي أقدما عليها ، فآخران يقومان مقامهما من ورثة المتوفى الذين استحق عليهم أي ملك عليهم حق من حقوقهم بتلك اليمين الكاذبة ، وقيل : معنى عليهم منهم ، وإذا اشترى رجل دارا من رجل فادعاها رجل آخر وأقام بينة عادلة على دعواه وحكم له الحاكم ببينته فقد استحقها على المشتري الذي اشتراها أي ملكها عليه ، وأخرجها الحاكم من يد المشتري إلى يد من استحقها ، ورجع المشتري على البائع بالثمن الذي أداه إليه ، والاستحقاق والاستيجاب قريبان من السواء . وأما قوله تعالى : لشهادتنا أحق من شهادتهما فيجوز أن يكون معناه أشد استحقاقا للقبول ، ويكون إذ ذاك على طرح الزائد من استحق أعني السين والتاء ، ويجوز أن يكون أراد أثبت من شهادتهما مشتق من قولهم حق الشيء إذا ثبت . وفي حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : ( ابن عمر ) قال ما حق امرئ أن يبيت ليلتين إلا ووصيته عنده : معناه ما الحزم لامرئ وما المعروف في الأخلاق الحسنة لامرئ ولا الأحوط إلا هذا ، لا أنه واجب ولا هو من جهة الفرض ، وقيل : معناه أن الله حكم على عباده بوجوب الوصية مطلقا ثم نسخ الوصية للوارث فبقي حق الرجل في ماله أن يوصي لغير الوارث ، وهو ما قدره الشارع بثلث ماله . وحاقه في الأمر محاقة وحقاقا : ادعى أنه أولى بالحق منه ، وأكثر ما استعملوا هذا في قولهم حاقني أي أكثر ما يستعملونه في فعل الغائب . وحاقه فحقه يحقه : غلبه ، وذلك في الخصومة واستيجاب الحق . وحاقه أي خاصمه وادعى كل واحد منهما الحق ، فإذا غلبه قيل حقه . والتحاق : التخاصم . والاحتقاق : الاختصام . ويقال : احتق فلان وفلان ، ولا يقال للواحد كما لا يقال اختصم للواحد دون الآخر . وفي حديث الشافعي علي كرم الله وجهه : إذا بلغ النساء نص الحقاق ، ورواه بعضهم : نص الحقائق ، فالعصبة أولى ; قال أبو عبيدة : نص كل شيء منتهاه ومبلغ أقصاه . والحقاق : المحاقة وهو أن تحاق الأم العصبة في الجارية فتقول أنا أحق بها ، ويقولون بل نحن أحق ، وأراد بنص الحقاق الإدراك لأن وقت الصغر ينتهي فتخرج الجارية من حد الصغر إلى الكبر ; يقول : ما دامت الجارية صغيرة فأمها أولى بها ، فإذا بلغت فالعصبة أولى بأمرها من أمها وبتزويجها وحضانتها إذا كانوا محرما لها مثل الآباء والإخوة والأعمام ; وقال : نص الحقاق بلوغ العقل ، وهو مثل الإدراك ؛ لأنه إنما أراد منتهى الأمر الذي تجب به الحقوق والأحكام فهو العقل والإدراك . وقيل : المراد بلوغ المرأة إلى الحد الذي يجوز فيه تزويجها وتصرفها في أمرها ، تشبيها بالحقاق من الإبل جمع حق وحقة ، وهو الذي دخل في السنة الرابعة ، وعند ذلك يتمكن من ركوبه وتحميله ، ومن رواه نص الحقائق فإنه أراد جمع الحقيقة ، وهو ما يصير إليه حق الأمر ووجوبه ، أو جمع الحقة من الإبل ; ومنه قولهم : فلان حامي الحقيقة إذا حمى ما يجب عليه حمايته . ورجل نزق الحقاق إذا خاصم في صغار الأشياء . والحاقة : النازلة وهي الداهية أيضا . وفي التهذيب : الحقة الداهية والحاقة القيامة ، قد حقت تحق . وفي التنزيل : ابن المبارك الحاقة ما الحاقة وما أدراك ما الحاقة الحاقة : الساعة والقيامة ، سميت حاقة ؛ لأنها تحق كل إنسان من خير أو شر ; قال ذلك ، وقال الزجاج الفراء : سميت حاقة ؛ لأن فيها حواق الأمور والثواب . والحقة : حقيقة الأمر ، قال : والعرب تقول لما عرفت الحقة مني هربت ، والحقة والحاقة بمعنى واحد ; وقيل : سميت القيامة حاقة ؛ لأنها تحق كل محاق في دين الله بالباطل أي كل مجادل ومخاصم فتحقه أي تغلبه وتخصمه ، من قولك حاققته أحاقه حقاقا ومحاقة فحققته أحقه أي غلبته وفلجت عليه . وقال أبو إسحاق في قوله الحاقة : رفعت بالابتداء ، وما رفع بالابتداء أيضا ، والحاقة الثانية خبر ما ، والمعنى تفخيم شأنها كأنه قال الحاقة أي شيء الحاقة . وقوله - عز وجل : وما أدراك ما الحاقة معناه أي شيء أعلمك ما الحاقة ، وما موضعها رفع وإن كانت بعد " أدراك " ; المعنى ما أعلمك أي شيء الحاقة . ومن أيمانهم : لحق لأفعلن ، مبنية على الضم ; قال الجوهري : وقولهم لحق لا آتيك هو يمين للعرب يرفعونها بغير تنوين إذا جاءت بعد اللام ، وإذا أزالوا عنها اللام قالوا حقا لا آتيك ; قال : يريد لحق الله فنزله منزلة لعمر الله ، ولقد أوجب رفعه لدخول اللام كما وجب في قولك لعمر الله إذا كان باللام . والحق : الملك . والحقق : القريبو العهد بالأمور خيرها وشرها ، قال : والحقق المحقون لما ادعوا أيضا . والحق من أولاد الإبل : الذي بلغ أن يركب ويحمل عليه ويضرب ، يعني أن يضرب الناقة ، بين الإحقاق والاستحقاق ، وقيل : إذا بلغت أمه أوان الحمل من العام المقبل فهو حق بين الحقة . قال ابن بري الأزهري : ويقال بعير حق بين الحق بغير هاء ، وقيل : إذا بلغ هو وأخته أن يحمل عليهما ويركبا فهو حق الجوهري : سمي حقا لاستحقاقه أن يحمل عليه وأن ينتفع به ; تقول : هو حق بين الحقة ، وهو مصدر ، وقيل : الحق الذي [ ص: 179 ] استكمل ثلاث سنين ودخل في الرابعة ; قال :
إذا سهيل مغرب الشمس طلع فابن اللبون الحق والحق جذع
والجمع أحق وحقاق والأنثى حقة وحق أيضا ; قال : والأنثى من كل ذلك حقة بينة الحقة ، وإنما حكمه بينة الحقاقة والحقوقة أو غير ذلك من الأبنية المخالفة للصفة لأن المصدر في مثل هذا يخالف الصفة ، ونظيره في موافقة هذا الضرب من المصادر للاسم في البناء قولهم أسد بين الأسد . قال ابن سيده أبو مالك : أحقت البكرة إذا استوفت ثلاث سنين ، وإذا لقحت حين تحق قيل لقحت علي كرها . والحقة أيضا : الناقة التي تؤخذ في الصدقة إذا جازت عدتها خمسا وأربعين . وفي حديث الزكاة ذكر الحق والحقة ، والجمع من كل ذلك حقق وحقائق ; ومنه قول المسيب بن علس :
قد نالني منه على عدم مثل الفسيل صغارها الحقق
قال : الضمير في منه يعود على الممدوح وهو ابن بري حسان بن المنذر أخو النعمان ; قال الجوهري : وربما تجمع على حقائق مثل إفال وأفائل ، قال : وهو نادر ; وأنشد ابن سيده لعمارة بن طارق :
ومسد أمر من أيانق لسن بأنياب ولا حقائق
وهذا مثل جمعهم امرأة غرة على غرائر ، وكجمعهم ضرة على ضرائر ، وليس ذلك بقياس مطرد . والحق والحقة في حديث صدقات الإبل والديات ، قال أبو عبيد : البعير إذا استكمل السنة الثالثة ودخل في الرابعة فهو حينئذ حق ، والأنثى حقة . والحقة : نبز أم جرير بن الخطفى ، وذلك لأن سويد بن كراع خطبها إلى أبيها فقال له : إنها لصغيرة صرعة ، قال سويد : لقد رأيتها وهي حقة أي كالحقة من الإبل في عظمها ; ومنه حديث عمر ، رضي الله عنه : ومن وراء حقاق العرفط أي صغارها وشوابها ، تشبيها بحقاق الإبل . وحقت الحقة تحق حقة وأحقت ، كلاهما : صارت حقة ; قال الأعشى :
بحقتها حبست في اللجي ن ، حتى السديس لها قد أسن
قال : يقال أسن سديس الناقة إذا نبت وذلك في الثامنة ، يقول : قيم عليها من لدن كانت حقة إلى أن أسدست ، والجمع : حقاق وحقق ; قال ابن بري الجوهري : ولم يرد بحقتها صفة لها لأنه لا يقال ذلك كما لا يقال بجذعتها فعل بها كذا ولا بثنيتها ولا ببازلها ، ولا أراد بقوله أسن كبر لأنه لا يقال أسن السن ، وإنما يقال أسن الرجل وأسنت المرأة ، وإنما أراد أنها ربطت في اللجين وقتا كانت حقة إلى أن نجم سديسها أي نبت ، وجمع الحقاق حقق مثل : كتاب وكتب ; قال : وبعضهم يجعل الحقة هنا الوقت ، وأتت الناقة على حقتها أي على وقتها الذي ضربها الفحل فيه من قابل ، وهو إذا تم حملها وزادت على السنة أياما من اليوم الذي ضربت فيه عاما أول حتى يستوفي الجنين السنة ، وقيل : حق الناقة واستحقاقها تمام حملها ; قال ابن سيده : ذو الرمة
أفانين مكتوب لها دون حقها إذا حملها راش الحجاجين بالثكل
أي إذا نبت الشعر على ولدها ألقته ميتا ، وقيل : معنى البيت أنه كتب لهذه النجائب إسقاط أولادها قبل آناء نتاجها ، وذلك أنها ركبت في سفر أتعبها فيه شدة السير حتى أجهضت أولادها ; وقال بعضهم : سميت الحقة لأنها استحقت أن يطرقها الفحل ، وقولهم : كان ذلك عند حق لقاحها وحق لقاحها أيضا ، بالكسر ، أي حين ثبت ذلك فيها . : إذا جازت الناقة السنة ولم تلد قيل قد جازت الحق ; وقول الأصمعي عدي :
أي قومي إذا عزت الخمر وقامت رفاقهم بالحقاق
ويروى : وقامت حقاقهم بالرفاق ، قال : وحقاق الشجر صغارها شبهت بحقاق الإبل . ويقال : عذر الرجل وأعذر واستحق واستوجب إذا أذنب ذنبا استوجب به عقوبة ; ومنه حديث النبي صلى الله عليه وسلم : . وصبغت الثوب صبغا تحقيقا أي مشبعا . وثوب محقق : عليه وشي على صورة الحقق ، كما يقال برد مرجل . وثوب محقق إذا كان محكم النسج ; قال الشاعر : لا يهلك الناس حتى يعذروا من أنفسهم
تسربل جلد وجه أبيك إنا كفيناك المحققة الرقاقا
وأنا حقيق على كذا أي حريص عليه ; عن أبي علي ، وبه فسر قوله تعالى : حقيق على أن لا أقول على الله إلا الحق في قراءة من قرأ به وقرئ ( حقيق علي أن لا أقول ) ومعناه واجب علي ترك القول على الله إلا بالحق . والحق والحقة ، بالضم : معروفة ، هذا المنحوت من الخشب والعاج وغير ذلك مما يصلح أن ينحت منه عربي معروف ، قد جاء في الشعر الفصيح ، قال الأزهري : وقد تسوى الحقة من العاج وغيره ، ومنه قول عمرو بن كلثوم :
وثديا مثل حق العاج رخصا حصانا من أكف اللامسينا
قال الجوهري : والجمع حق وحقق وحقاق ; قال : وجمع الحق أحقاق وحقاق ، وجمع الحقة حقق ; قال ابن سيده رؤبة :
سوى مساحيهن تقطيط الحقق
وصف حوافر حمر الوحش أي أن الحجارة سوت حوافرها كأنما قططت تقطيط الحقق ، وقد قالوا في جمع حقة حق ، فجعلوه من باب سدرة وسدر ، وهذا أكثره إنما هو في المخلوق دون المصنوع ، ونظيره من المصنوع دواة ودوى وسفينة وسفين . والحق من الورك : مغرز رأس الفخذ فيها عصبة إلى رأس الفخذ إذا انقطعت حرق الرجل ، وقيل : الحق أصل الورك الذي فيه عظم رأس الفخذ . والحق أيضا : النقرة التي في رأس الكتف . والحق : رأس العضد الذي فيه الوابلة وما أشبهها . ويقال : أصبت حاق عينه وسقط فلان على حاق رأسه أي [ ص: 180 ] وسط رأسه ، وجئته في حاق الشتاء أي في وسطه . قال الأزهري : وسمعت أعرابيا يقول لنقبة من الجرب ظهرت ببعير فشكوا فيها فقال : هذا حاق صمادح الجرب . وفي الحديث : ; هو أن يركبن حقها وهو وسطها من قولك سقط على حاق القفا وحقه . وفي حديث ليس للنساء أن يحققن الطريق : يوسف بن عمر إلا عاملا من عمالي يذكر أنه زرع كل حق ولق ; الحق : الأرض المطمئنة ، واللق : المرتفعة . وحق الكهول : بيت العنكبوت ; ومنه حديث أنه قال عمرو بن العاص لمعاوية في محاورات كانت بينهما : لقد رأيتك بالعراق وإن أمرك كحق الكهول وكالحجاة في الضعف فما زلت أرمه حتى استحكم في حديث فيه طول ، قال : أي واه . وحق الكهول : بيت العنكبوت . قال الأزهري : وقد روى ابن قتيبة هذا الحرف بعينه فصحفه وقال : مثل حق الكهدل ، بالدال بدل الواو ، قال : وخبط في تفسيره خبط العشواء ، والصواب مثل حق الكهول ، والكهول العنكبوت وحقه بيته . وحاق وسط الرأس : حلاوة القفا . ويقال : استحقت إبلنا ربيعا وأحقت ربيعا إذا كان الربيع تاما فرعته . وأحق القوم إحقاقا إذا سمن مالهم . واحتق القوم احتقاقا إذا سمن وانتهى سمنه . قال : وأحق القوم من الربيع إحقاقا إذا أسمنوا ; عن ابن سيده أبي حنيفة يريد سمنت مواشيهم . وحقت الناقة وأحقت واستحقت : سمنت . وحكى عن ابن السكيت ابن عطاء أنه قال : أتيت أبا صفوان أيام قسم المهدي الأعراب ، فقال أبو صفوان : ممن أنت ؟ وكان أعرابيا فأراد أن يمتحنه ، قلت : من بني تميم ، قال : من أي تميم ؟ قلت : ربابي ، قال : وما صنعتك ؟ قلت : الإبل ، قال : فأخبرني عن حقة حقت على ثلاث حقاق ، فقلت : سألت خبيرا : هذه بكرة كان معها بكرتان في ربيع واحد فارتبعن فسمنت قبل أن تسمنا فقد حقت واحدة ، ثم ضبعت ولم تضبعا فقد حقت عليهما حقة أخرى ، ثم لقحت ولم تلقحا فهذه ثلاث حقات ، فقال لي : لعمري أنت منهم ! واستحقت الناقة لقاحا إذا لقحت واستحق لقاحها ، يجعل الفعل مرة للناقة ومرة للقاح . قال أبو حاتم : محاق المال يكون الحلبة الأولى ، والثانية منها لبأ . والمحاق : اللاتي لم ينتجن في العام الماضي ولم يحلبن فيه . واحتق الفرس أي ضمر . ويقال : لا يحق ما في هذا الوعاء رطلا معناه ، أنه يزن رطلا . وطعنة محتقة أي لا زيغ فيها وقد نفذت . ويقال : رمى فلان الصيد فاحتق بعضا وشرم بعضا أي قتل بعضا وأفلت بعض جريحا ; والمحتق من الطعن : النافذ إلى الجوف ; ومنه قول أبي كبير الهذلي :
وهلا وقد شرع الأسنة نحوها ما بين محتق بها ومشرم
أراد من بين طعن نافذ في جوفها وآخر قد شرم جلدها ولم ينفذ إلى الجوف . والأحق من الخيل : الذي لا يعرق ، وهو أيضا الذي يضع حافر رجله موضع حافر يده ، وهما عيب ; قال عدي بن خرشة الخطمي :
بأجرد من عتاق الخيل نهد جواد لا أحق ولا شئيت
قال : هذه رواية ابن سيده ، ورواية ابن دريد أبي عبيدة :
وأقدر مشرف الصهوات ساط كميت ، لا أحق ولا شئيت
الأقدر : الذي يجوز حافرا رجليه حافري يديه ، والأحق : الذي يطبق حافرا رجليه حافري يديه والشئيت : الذي يقصر موقع حافر رجله عن موقع حافر يده وذلك أيضا عيب ، والاسم الحقق . وبنات الحقيق : ضرب من رديء التمر ، وقيل : هو الشيص ، قال الأزهري : قال الليث : بنات الحقيق ضرب من التمر ، والصواب لون الحبيق ضرب من التمر رديء ، وبنات الحقيق في صفة التمر تغيير ، ولون الحبيق معروف . قال : وقد روينا عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أنه ، ويقال لنخلته عذق نهى عن لونين من التمر في الصدقة : أحدهما الجعرور ، والآخر لون الحبيق ابن حبيق وليس بشيص ولكنه رديء من الدقل ; وروى الأزهري حديثا آخر عن عن أبيه قال : لا يخرج في الصدقة الجعرور ولا لون حبيق ; قال جعفر بن محمد : وهذا تمر رديء وأيبس تمر وتؤخذ الصدقة من وسط التمر . والحقحقة : شدة السير . حقحق القوم إذا اشتدوا في السير . وقرب محقحق : جاد منه . وتعبد الشافعي عبد الله بن مطرف بن الشخير فلم يقتصد فقال له أبوه : يا عبد الله ، العلم أفضل من العمل ، والحسنة بين السيئتين ، وخير الأمور أوساطها ، وشر السير الحقحقة ; هو إشارة إلى الرفق في العبادة ، يعني عليك بالقصد في العبادة ولا تحمل على نفسك فتسأم ; وخير العمل ما ديم وإن قل ، وإذا حملت على نفسك من العبادة ما لا تطيقه انقطعت به عن الدوام على العبادة وبقيت حسيرا ، فتكلف من العبادة ما تطيقه ولا يحسرك . والحقحقة : أرفع السير وأتعبه للظهر . وقال الليث : الحقحقة سير الليل في أوله ، وقد نهي عنه ، قال : وقال بعضهم : الحقحقة في السير إتعاب ساعة وكف ساعة ; قال الأزهري : فسر الليث الحقحقة تفسيرين مختلفين لم يصب الصواب في واحد منهما ، والحقحقة عند العرب أن يسار البعير ويحمل على ما يتعبه وما لا يطيقه حتى يبدع براكبه ، وقيل : هو المتعب من السير ، قال : وأما قول الليث : إن الحقحقة سير أول الليل ، فهو باطل ما قاله أحد ، ولكن يقال فحموا عن الليل أي لا تسيروا فيه . وقال : الحقحقة أن يجهد الضعيف شدة السير . قال ابن الأعرابي : وسير حقحاق شديد ، وقد حقحق وهقهق على البدل ، وقهقه على القلب بعد البدل . وقرب حقحاق وهقهاق وقهقاه ومقهقه ومهقهق إذا كان السير فيه شديدا متعبا . ابن سيده وأم حقة : اسم امرأة ; قال معن بن أوس :
فقد أنكرته أم حقة حادثا وأنكرها ما شئت ، والود خادع