وأما فمنها : ما بعد طلوع الفجر إلى صلاة الفجر ، وما بعد صلاة الفجر إلى طلوع الشمس ، وما بعد صلاة العصر إلى مغيب الشمس ، فلا خلاف في أن قضاء الفرائض والواجبات في هذه الأوقات جائز من غير كراهة ، ولا خلاف في أن أداء التطوع المبتدإ مكروه فيها . الأوقات التي يكره فيها التطوع لمعنى في غير الوقت
وأما كركعتي الطواف ، وركعتي تحية المسجد فمكروه عندنا وعند التطوع الذي له سبب لا يكره ، واحتج بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { الشافعي } وروي عن : إذا دخل أحدكم المسجد فليحيه بركعتين من غير فصل { عائشة } وعن أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بعد العصر رضي الله عنه { عمر أنه صلى الصبح فسمع صوت حدث ممن خلفه فقال : عزمت على من أحدث أن يتوضأ ويعيد صلاته فلم يقم فقال : يا أمير المؤمنين أرأيت لو توضأنا جميعا وأعدنا الصلاة فاستحسن ذلك جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه وقال له : كنت سيدا في الجاهلية فقيها في الإسلام فقاموا وأعادوا الوضوء والصلاة عمر } ، ولا شك أن تلك الصلاة ممن لم يحدث كانت نافلة والدليل عليه أنه لا يكره الفرائض في هذه الأوقات كذا النوافل .
( ولنا ) ما روي عن أنه قال : شهد عندي رجال مرضيون وأرضاهم عندي ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { عمر لا صلاة بعد صلاة الصبح حتى تشرق الشمس ، ولا صلاة بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس } فهو على العموم إلا ما خص بدليل ، وكذا روي عن رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك . أبي سعيد الخدري
وروي عن رضي الله عنهما أنه طاف بعد طلوع الفجر سبعة أشواط ولم يصل حتى خرج إلى ذي طوى وصلى ثمة بعد ما طلعت الشمس ، وقال ركعتان مكان ركعتين ولو كان أداء ركعتي الطواف بعد طلوع الشمس جائزا من غير كراهة لما أخر ; لأن أداء الصلاة ابن عمر بمكة أفضل خصوصا ركعتا الطواف .
وأما حديث فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم مخصوصا بذلك دل عليه ما روي أنه قيل عائشة إن لأبي سعيد الخدري تروي أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بعد العصر فقال : إنه فعل ما أمر ون حن نفعل ما أمرنا أشار إلى أنه مخصوصا بذلك ولا شركة في موضع الخصوص ألا ترى إلى ما روي عن عائشة { أم سلمة } أشار إلى الخصوصية ، لأنه كتبت عليه [ ص: 297 ] السنن الراتبة ، ومذهبنا مذهب أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين بعد العصر فسألته عن ذلك فقال : شغلني وفد عن ركعتي الظهر فقضيتهما فقالت ونحن نفعل كذلك فقال لا ، عمر ، وابن عمر ، وابن مسعود ، وابن عباس وعائشة ، رضي الله عنهم ، وما روي عن وأبي سعيد الخدري فغريب لا يقبل على أن عمر إنما فعل ذلك لإخراج المحدث عن عهدة الفرض ، ولا بأس بمباشرة المكر لمثله ، والاعتبار بالفرائض غير سديد ; لأن الكراهة في هذه الأوقات ليست لمعنى في الوقت بل لمعنى في غيره ، وهو إخراج ما بقي من الوقت عن كونه تبعا لفرض الوقت لشغله بعبادة مقصودة ، ومعنى الاستتباع لا يمكن تحقيقه في حق الفرض فبطل الاعتبار . عمر