وأما فمنها سنن الخطبة على ما روي عن أن يخطب خطبتين عن الحسن بن زياد أنه قال : ينبغي أن يخطب خطبة خفيفة يفتتح فيها بحمد الله تعالى ويثني عليه ويتشهد ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويعظ ويذكر ويقرأ سورة ثم يجلس جلسة خفيفة ، ثم يقوم فيخطب خطبة أخرى يحمد الله تعالى ويثني عليه ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو للمؤمنين والمؤمنات ويكون قدر الخطبة قدر سورة من طوال المفصل لما روي عن أبي حنيفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم { جابر بن سمرة } ، وكان الشيخ الإمام كان يخطب خطبتين قائما يجلس فيما بينهما جلسة خفيفة ويتلو آيات من القرآن أبو بكر محمد بن الفضل البخاري يستحب أن يقرأ الخطيب في خطبته { يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا } ، ثم سنة عندنا وكذا القراءة في الخطبة ، وعند القعدة بين الخطبتين شرط والصحيح مذهبنا ; لأن الله تعالى أمر بالذكر مطلقا عن قيد القعدة والقراءة فلا تجعل شرطا بخبر الواحد ; لأنه يصير ناسخا لحكم الكتاب وأنه لا يصلح ناسخا له ولكن يصلح مكملا له ، فقلنا إن قدر ما ثبت بالكتاب يكون فرضا وما ثبت بخبر الواحد يكون سنة عملا بهما بقدر الإمكان ، وعن الشافعي رضي الله عنهما أنه كان يخطب خطبة واحدة فلما ثقل أي أسن جعلها خطبتين وقعد بينهما فهذا دليل على أن القعدة للاستراحة لا أنه شرط لازم ، ومنها ابن عباس فهي سنة عندنا وليست بشرط حتى إن الإمام إذا خطب وهو جنب أو محدث فإنه يعتبر شرطا لجواز الجمعة ، وعند الطهارة في حالة الخطبة لا يجوز وهو قول أبي يوسف ; لأن الخطبة بمنزلة شطر الصلاة لما ذكرنا من الأثر ولهذا لا تجوز في غير وقت الصلاة فيشترط لها الطهارة كما تشترط للصلاة ، ولنا أنه ليس في ظاهر الرواية شرط الطهارة ; ولأنها من باب الذكر والمحدث والجنب لا يمنعان من ذكر الله تعالى ، والاعتبار بالصلاة غير سديد . الشافعي
ألا ترى أنها تؤدى مستدبر القبلة ولا يفسدها الكلام بخلاف الصلاة ، ثم لم يذكر إعادة الخطبة ههنا ، وذكر في أذان الجنب أنه يعاد ، والفرق أن الأذان إن تحلى بحلية الصلاة ، وهي استقبال القبلة بخلاف الخطبة فكان الخلل المتمكن في الأذان أشد ، وكثير النقص مستحق الرفع دون قليله ، كما يجبر نقص ترك الواجب بسجدتي السهو دون ترك السنن ، ويحتمل أن تكون الإعادة مستحبة في الموضعين كذا ذكر في نوادر أنه يعيدها وإن لم يعدها جاز ; لأنه ليس من شرطها استقبال القبلة هكذا ذكر أشار إلى أنها ليست نظير الصلاة فلا تشترط لها الطهارة إلا أنها سنة ; لأن السنة هي الوصل بين الخطبة والصلاة ولا يتمكن من إقامة هذه السنة إلا بالطهارة ، ومنها أن أبي يوسف فالقيام سنة وليس بشرط حتى لو خطب قاعدا يجوز عندنا لظاهر النص ، وكذا روي عن يخطب قائما أنه كان يخطب قاعدا حين كبر وأسن ولم ينكر عليه أحد من الصحابة إلا أنه مسنون في حال الاختيار ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب قائما . عثمان
وروي أن { رضي الله عنه أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب قائما أو قاعدا فقال : ألست تقرأ قوله تعالى { ابن مسعود وتركوك قائما } } ، ومنها أن رجلا سأل ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم هكذا كان يخطب ، وكذا السنة في حق يستقبل القوم بوجهه ويستدبر القبلة ; لأن القوم أن يستقبلوه بوجوههم وذا لا يتكامل إلا بالمقابلة . الإسماع والاستماع واجب للخطبة
وروي عن أنه كان لا يستقبل الإمام بوجهه حتى يفرغ المؤذن من الأذان فإذا أخذ الإمام في الخطبة انحرف بوجهه إليه ، ومنها أبي حنيفة ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بتقصير الخطب ، وعن أن لا يطول الخطبة رضي الله عنه أنه قال : طولوا الصلاة وقصروا الخطبة ، وقال : عمر طول الصلاة وقصر الخطبة من فقه الرجل أي أن هذا مما يستدل به على فقه الرجل . ابن مسعود