( ومنها ) التقدير بثلث المال إذا كان هناك وارث ، ولم يجز الزيادة ، فلا تجوز إلا بإجازة الوارث الذي هو من أهل الإجازة ، والأصل في اعتبار هذا الشرط ما روينا من حديث الزيادة على الثلث رضي الله عنه أنه { سعد } ، وقوله عليه الصلاة والسلام : { قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أوصي بجميع مالي ؟ فقال : لا ، فقال : فبثلثيه ؟ فقال : لا ، فقال : فبنصفه ؟ قال عليه الصلاة والسلام : لا ، قال : فبثلثه ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : الثلث ، والثلث كثير إنك إن تدع ورثتك أغنياء خير لك من أن تدعهم عالة يتكففون الناس } ; ولأن الوصية بالمال إيجاب الملك عند الموت ، وعند الموت حق الورثة متعلق بماله إلا في قدر الثلث ، فالوصية بالزيادة على الثلث تتضمن إبطال حقهم ، وذلك لا يجوز من غير إجازتهم ، وسواء كانت وصيته في المرض ، أو في الصحة ; لأن الوصية إيجاب مضاف إلى زمان الموت فيعتبر وقت الموت لا وقت وجود الكلام . إن الله تبارك وتعالى تصدق عليكم بثلث أموالكم آخر أعماركم زيادة في أعمالكم
واعتبارها وقت الموت يوجب اعتبارها من الثلث لما ذكرنا أنه وقت تعلق حق الورثة بالتركة ، إذ الموت لا يخلو عن مقدمة مرض ، وحقهم يتعلق بماله في مرض موته إلا في القدر المستثنى ، وهو الثلث فرق بين الوصية ، وغيرها من التبرعات كالهبة ، والصدقة أن المعتبر هناك وقت العقد ، فإن كان صحيحا تجوز في جميع ماله ، وإن كان مريضا لا تجوز إلا في الثلث ; لأن الهبة ، والصدقة كل واحد منهما إيجاب الملك [ ص: 370 ] للحال فيعتبر فيهما حال العقد ، فإذا كان صحيحا فلا حق لأحد في ماله فيجوز من جميع المال وإذا كان مريضا كان حق الورثة متعلقا بماله ، فلا يجوز إلا في قدر الثلث ، وكذا الإعتاق في مرض الموت ، والبيع ، والمحاباة قدر ما لا يتغابن الناس فيه ، وإبراء الغريم ، والعفو عن دم الخطأ يعتبر ذلك كله من الثلث كالهبة ، والصدقة لتعلق حق الورثة بمال المريض مرض الموت فيما وراء الثلث .