ويكره للمار أن يمر بين يدي المصلي ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم { ما عليه من الوزر لكان أن يقف أربعين خيرا له من أن يمر بين يديه المار بين يدي المصلي } ، ولم يوقت يوما أو شهرا أو سنة ولم يذكر في الكتاب قدر المرور ، واختلف المشايخ فيه قال بعضهم : قدر موضع السجود ، وقال بعضهم : مقدار الصفين ، وقال بعضهم : قدر ما يقع بصره على المار لو صلى بخشوع ، وفيما وراء ذلك لا يكره وهو الأصح ، وينبغي للمصلي أن يدرأ المار أي يدفعه حتى لا يمر حتى لا يشغله عن صلاته ; لما روي عن لو علم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { أبي سعيد الخدري } . : لا يقطع الصلاة مرور شيء فادرءوا ما استطعتم
ولو مر لا تقطع الصلاة سواء كان المار رجلا أو امرأة ; لما نذكر في موضعه إلا أنه ينبغي أن يدفع بالتسبيح أو بالإشارة أو الأخذ بطرف ثوبه من غير مشي ومعالجة شديدة حتى لا تفسد صلاته ، ومن الناس من قال : إن لم يقف بإشارته جاز دفعه بالقتال ; لحديث { أنه كان يصلي فأراد أبي سعيد الخدري ابن مروان أن يمر بين يديه فأشار إليه فلم يقف فلما حاذاه ضربه في صدره ضربة أقعده على استه فجاء إلى أبيه يشكو فقال : لم ضربت ابني ؟ فقال : ما ضربت ابنك إنما ضربت شيطانا ، فقال : لم تسمي ابني شيطانا ، فقال : لأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إذا صلى أحدكم فأراد مار أن يمر بين يديه فليدفعه فإن أبى فليقاتله فإنه شيطان أبا سعيد } ، ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم { } يعني أعمال الصلاة ، والقتال ليس من أعمال الصلاة فلا يجوز الاشتغال به ، وحديث إن في الصلاة لشغلا كان في وقت كان العمل في الصلاة مباحا ، ومن المشايخ من قال : إن الدرء رخصة والأفضل أن لا يدرأ ; لأنه ليس من أعمال الصلاة . أبي سعيد
وكذا روى إمام الهدى الشيخ أبو منصور عن أن الأفضل أن يترك الدرء ، والأمر بالدرء في الحديث لبيان الرخصة كالأمر بقتل الأسودين هذا إذا لم يكن بينهما حائل كالأسطوانة ونحوها ، فأما إن كان بينهما حائل فلا بأس بالمرور فيما وراء الحائل والمستحب لمن يصلي في الصحراء أن ينصب بين يديه عودا أو يضع شيئا أدناه طول ذراع كي لا يحتاج إلى الدرء ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم { أبي حنيفة } . إذا صلى أحدكم في الصحراء فليتخذ بين يديه سترة
وروي أن { عن أبيه رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبطحاء في قبة حمراء من أدم فأخرج عون بن جحيفة العنزة وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى إليها والناس يمرون من ورائها بلال } وإنما قدر أدناه بذراع طولا دون اعتبار العرض ، وقيل : ينبغي أن يكون في غلظ أصبع ; لقول العنزة كانت تحمل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لتركز في الصحراء بين يديه فيصلي إليها حتى قال : يجزئ من السترة السهم ; ولأن الغرض منه المنع من المرور ، وما دون ذلك لا يبدو للناظر من بعيد فلا يمتنع ويدنو من السترة ; لقوله صلى الله عليه وسلم { ابن مسعود } فإن لم يجد سترة هل يخط بين يديه خطا ؟ حكى أبو عصمة عن من صلى إلى سترة فليدن منها أنه قال : لا يخط بين يديه فإن الخط وتركه سواء ; لأنه لا يبدو للناظر من بعيد فلا يمتنع فلا يحصل المقصود ، ومن الناس من قال : يخط بين يديه خطا إما طولا شبه ظل السترة أو عرضا شبه المحراب ; لقوله صلى الله عليه وسلم { محمد } ولكن الحديث غريب ورد فيما تعم به البلوى فلا نأخذ به . إذا صلى أحدكم في الصحراء فليتخذ بين يديه سترة فإن لم [ ص: 218 ] يجد فليخط بين يديه خطا