( وأما ) إذا ففيه روايتان : ذكر في الزيادات أن الأولين أولى ، وذكر في السير الكبير أن الآخرين أولى . وجدها قبل قسمة الآخرين
( وجه ) رواية الزيادات أن الثابت لكل واحد من الفريقين ، وإن كان هو الحق المتأكد ، لكن نقض الحق بالحق جائز ; لأن الشيء يحتمل الانتقاض بمثله كما في النسخ ، ولهذا جاز نقض الملك بالملك .
( وجه ) الرواية الأخرى أن حق الآخرين ثابت متقرر ، وحق الأولين زائل ذاهب ، فاستصحاب الحالة الثابتة أولى ، إذ هو يصلح للترجيح وهذا هو القياس في الملك ، فكان ينبغي أن لا ينتقض الحادث بالقديم إلا أن النقض هناك ثبت نصا ( بخلاف ) القياس ، فيقتصر على مورد النص ، هذا إذا كان الكفار أحرزوا الأموال بدار الحرب ، فإن كانوا لم يحرزوها حتى أخذها الفريق الآخر من المسلمين منهم [ ص: 123 ] في دار الإسلام ، فالغنائم للأولين سواء قسمها الآخرون أو لم يقسموها ; لأن الكفار لا يملكون أموال المسلمين بالاستيلاء إلا بعد الإحراز بدار الحرب ، ولم يوجد ، فكانت الغنائم في حكم يد الأولين ما دامت في دار الإسلام ، فكان الآخرون أخذوه من أيدي الأولين فيلزمهم الرد عليه ، إلا إذا كان الإمام قسمها بين الآخرين ورأيه أن الكفرة قد ملكوها بنفس الأخذ والاستيلاء .
وإن كانوا في دار الإسلام ، كما هو مذهب بعض الناس ، فكانت قسمة في محل الاجتهاد فتنفذ ، وتكون للآخرين والله - تعالى - أعلم هذا الذي ذكرنا من كون الإحراز بدار الإسلام شرطا لثبوت الملك في الغنائم المشتركة .