ولا نكفر بالمعاصي مؤمنا إلا مع استحلاله لما جنى
.( ولا نكفر بالمعاصي ) التي قدمنا ذكرها ، وأنها لا توجب كفرا ، والمراد بها الكبائر التي ليست بشرك ، ولا تستلزمه ولا تنافي اعتقاد القلب ولا عمله ، ( مؤمنا ) مقرا بتحريمها معتقدا له ، مؤمنا بالحدود المترتبة عليها ، ولكن نقول يفسق بفعلها ، ويقام عليه الحد بارتكابها ، وينقص إيمانه بقدر ما تجارأ عليه منها .
والدليل على فسقه ونقصان إيمانه قول الله - عز وجل : ( والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم ) ، ( النور 4 - 5 ) ، وما في معناها من آيات الحدود والكبائر ، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم : . الحديث في الصحيحين وغيرهما ، عن لا يزني الزاني [ ص: 1040 ] حين يزني وهو مؤمن ، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن ، ولا يشرب حين يشرب وهو مؤمن ، والتوبة معروضة بعد - رضي الله عنه . أبي هريرة
والدليل على أن النفي في هذا الحديث وغيره ليس لمطلق الإيمان ، بل لكماله هو ما قدمنا من النصوص التي صرحت بتسميته مؤمنا ، وأثبتت له أخوة الإيمان ، وأبقت له أحكام المؤمنين .
( إلا مع استحلاله لما جنى ) هذه هي المسألة الخامسة ، وهو أن عامل الكبيرة يكفر باستحلاله إياها ، بل يكفر بمجرد اعتقاده بتحليل ما حرم الله ورسوله ، لو لم يعمل به ; لأنه حينئذ يكون مكذبا بالكتاب ، ومكذبا بالرسول - صلى الله عليه وسلم - وذلك كفر بالكتاب والسنة والإجماع .
فمن ، فلا شك في كفره . جحد أمرا مجتمعا عليه ، معلوما من الدين بالضرورة