لا تأسفن لأمر فات مطلبه هيهات ما فائت الدنيا بمردود إذا اقتضت أخذت نقدا وإن سئلت
فدأبها بالأماني والمواعيد وما السرور بها الموروث آخره
أن يتبع الحرص إلا قلب مكدود وللتأسف يبقى كل مدخر
وللمنية يغدو كل مولود
ليأتينك من الموت ما لا يقبل رشوة ولا مالا ، إذا حال على القوي والقويم ما لا ، يا مختار الهوى جهلا وضلالا ، لقد حملت أزرك أوزارا ثقالا ، إياك والمنى فكم وعد المنى محالا ، كم قال لطالب نعم : نعم سأعطيك نوالا وقد نوى : لا .
كم سقى الموت من الحسرات كؤوسا ، كم فرغ ربعا عامرا مأنوسا ، كم طمس بدورا وشموسا واستلب نعيما ثم أعطى بوسا ، وأذل جبابرة كانوا شوسا ، وأغمض عيونا ونكس رؤوسا وأبدل التراب عن الثياب ملبوسا .
إذا كان ما فيه الفتى عنه زائلا فشتان فيه أدرك الحظ أو أخطا
وليس يفي يوما سرورا وغبطة بحزن إذا المعطي استرد الذي أعطا
لا بدع إن ضحك القتير فبكى لضحكته الكبير
عاصى العزاء عن الشباب وطاوع الدمع الغزير
سقيا لأيام مضت فطويلها عندي قصير
سقي الشباب وإن عفى آثار معهده القتير
ما كان إلا الملك أودى بل هوى وهوى السرير
هون عليك فإنها خلع أعاركها معير
والدهر يقسم مرة نفلا وآونة يغير
نظر سليمان بن وهب وزير المهتدي يوما في المرآة فرأى شيبا كثيرا فقال : عيب لا عدمنا .
، وسيأكل المحب بعدك ويشرب ، وكأنك إذا ذكرت أضرب ، فخذ العدة فخيل الشدة تسرب ، واسمع نصحي فنصحي مجرب ، يا هذا احذر الأمل ، وبادر العمل ، فكأنك بالأجل على عجل . أما الأعمار كل يوم ناقصة ، أما الفجائع واردة واقصة ، أما النكبات لأهلها معاقصة ، أما كف الموت قابضة قانصة ، فأنى لساكن الدنيا بالسلامة الخالصة ، كأنك بالموت قد ثلب وقدح ، وأورى زناد الرحيل وقدح ، وخلت كفك يا من تعب وكدح ، وتساوى لديك من ذم ومن مدح ، ما هذه العمارة لدار خراب ، كلما عمرها قوم صاح بينهم للبين غراب ، أبتني وأنت تنقض ، هذا العجاب : أنت كل يوم إلى القبر تتقرب ، وسترحل إلى البلى وتتغرب
رب شريف البناء عاليه بالشيد والساج كان بانيه
كأنما الشمس في جوانبه بالليل من حسنه تباهيه
تحار في صحنه الرياح كما تحار ساري الظلام في التيه
كانت صحون فيح تضيق به فالشبر في القبر صار يكفيه
سل بالزمان خبيرا إني به لعليم
واهي الأمانة ظاعن بالمرء وهو مقيم
[ ص: 592 ] لا تخدعن بمنية أم الخلود عقيم
وإذا المنية أبرقت فرجاؤك المهزوم
عشق البقاء وإنما طول الحياة هموم