سجع على قوله تعالى : ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر
، بين يديك يوم قريب ما يتأخر يا من يخطر في ثياب الغفلة يتبختر ويتجبر ، وقبائحه تكتب وهو لا يحس ويزبر ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر يا متعرضا بالذنب والعقاب ، يا غافلا عن يوم السؤال والجواب ، يا مبارزا بالمعاصي رب الأرباب ، من أعظم جرأة منك على العذاب قل لي ومن أصبر ، نسيت معادك وأطلت أملك ، وأعرضت إلى الهوى عن أمر من ملك ، ولو رفعت والله عملك إلى ملك أعظم ذلك وأكبر ، لقد أناح التقصير والتمادي ببابك ، وقل أن يعبق بريح الثواب شيء من أثوابك ، والشيطان يجري منك مجرى الدم من آرابك ، فهو متمكن منك إذا قمت في محرابك إلى حين قولك الله أكبر .
تقوك إلى صلاتك وأنت متكاسل ، وتدخل في الصلاة بقلب غافل ، وتستعجل في الصلاة لأجل العاجل ، وإذا نظرت بعد الصلاة إلى الحاصل : فالجسد أقبل والقلب أدبر .
يا من ذل المعاصي يعلوه ، يا مظلم القلب متى تجلوه ، هذا القرآن يتلى عليك وتتلوه ولكن ما تتدبر .
يا مغترا بالزخارف والتمويه ، تعجب بما تجمعه من الدنيا وتحويه ، هلك والله ذو [ ص: 261 ] عجب أو كبر أو تيه ، ونجا والله أشعث أغبر ، أنت في دار انزعاج فاحذر منها لا تركن إليها ولا تأمنها ، إنما أسكنتها لتخرج عنها ، فتأهب للنقلة فما يستوطن معبر ، أين من كان يتنعم في قصورها قد فسح لنفسه في توانيها وقصورها ، خدعته والله بغرير غرورها بعد أن ساس الرعايا ودبر ، نقلته والله صريعا سريعا ، وسلبته والله ما جمعه جميعا ، وبزته كبرا كبيرا وعزا منيعا ، أتراه يفتخر في قبره أو يتكبر ، خلا بعمله في ظلام لحده لم ينفعه غير اجتهاده وجده ، لو قضي برجوعه إلى الدنيا ورده لحدثنا بهذا أو أخبر .
فتنبه أنت من رقداتك ، وكن وصي نفسك في حياتك ، فلقد بالغت الزواجر في عظاتك ، كم تسمع موعظة وكم تجلس تحت منبر ، يا لها من نصيحة لو وجدت نفاذا ، هي حجة عليك إذا لم تكن ملاذا ، والشيء إذا لم ينفع فربما آذى ، وأنت يا هذا بعد هذا بنفسك أخبر .