233 - فصل
قولهم : " ولا نتخذ من الرقيق الذي جرت عليه أحكام المسلمين "
يتضمن أنهم لا يتملكون رقيقا من سبي المسلمين ، وهذا موضع اختلف فيه الفقهاء ، فمذهب أنه إذا استرق الإمام السبي لم يجز بيعهم من كافر ذميا كان أو حربيا ، صغارا كانوا أو كبارا . الإمام أحمد
وقال أبو حنيفة : يجوز بيعهم من أهل الذمة دون أهل الحرب .
وقال : يجوز بيعهم من الفريقين . الشافعي
فأما مذهب مالك فقال في " الجواهر " : إن لم يمنع من شرائه إذا كان يسكن به في بلد المسلمين ، ولا يباع لمن يخرج به عن بلاد الإسلام لما يخشى من إطلاعه أهل الحرب على عورة المسلمين . اشترى الكافر بالغا على دينه
[ ص: 1256 ] وإن كان العبد صغيرا على دينه يعي الكتاب وغيره منع من شرائه ؛ لما يرجى من إسلامه سرعة إجابته إذا دعي إلى الإسلام ؛ لكونه لم يرسخ في نفسه الكفر بخلاف الكبير .
فإن بيع منه فسخ البيع وتحرج فيه أن يباع عليه من مسلم .
وقال محمد : لا يمنع من شرائه ؛ لأنا لسنا على يقين من إسلامه إذا اشتراه مسلم .
وإن كان العبد بالغا على غير دين مشتريه - ولها صورتان :
إحداهما : يهودي يباع من نصراني وعكسه - فقال ابن وهب بالمنع ؛ لما بينهما من العداوة والبغضاء فيكون إضرارا بالمملوك واتخاذا للسبل إلى دينه . وسحنون
وقال محمد : لا يمنع ؛ إذ المنع ليس بحق الله بل بحق العبد ، فلو رضي بذلك تجار ، فيتدارك بعد بالمنع من أذيته دون فسخ البيع .
الثانية : أن يكون العبد من الصقالبة أو المجوس أو السودان ، فهل له شراؤه ؟ حكى المازري فيه ثلاثة أقوال في المذهب .
[ الأول : ] الجواز مطلقا ، وهو ظاهر الكتاب ، وأطلق الجواز في الصغير منهم والكبير .
والثاني : المنع مطلقا في الصغير والكبير - قاله - . ابن عبد الحكم
[ ص: 1257 ] والثالث : المنع في الصغير والجواز في الكبير ، وهو مذهب " العينية " .
واحتج المانعون مطلقا بأن ذلك في الشروط المشروطة عليهم ، وهو قولهم : " ولا نتخذ شيئا من الرقيق الذي جرت عليه سهام المسلمين " قالوا : وهذا فعل ظاهر منتشر عن عمر أقره جميع الصحابة ، ولأنه رقيق جرى عليه ملك المسلمين ، فلا يجوز بيعه من كافر كالحربي .
قال أبو الحسين : ولا يلزم على ذلك إذا اشترى مسلم عبدا كافرا أو ذميا ، فإنه لا يجوز بيعه من ذمي على ظاهر كلام إمامنا أحمد رحمه الله تعالى ، ولأنه إذا كان في أيدي المسلمين رجي إسلامه ، وإذا منع منهم منعوه من إسلام إن رغب فيه ، ولهذا منعنا الكافر من حضانة اللقيط .