222 - فصل
" قولهم : " ولا نكتم غشا للمسلمين
هذا أعم من إيواء الجاسوس ، فمتى علموا أمرا فيه غش للإسلام والمسلمين وكتموه انتقض عهدهم ، وبذلك أفتينا ولي الأمر بانتقاض عهد النصارى لما سعوا في إحراق الجامع والمنارة وسوق السلاح ، ففعل بعضهم وعلم بعضهم وكتم ذلك ولم يطلع عليه ولي الأمر .
وبهذا مضت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناقضي العهد ، فإن بني قينقاع وبني النضير وقريظة لما حاربوه ونقضوا عهده عم الجميع [ ص: 1235 ] بحكم الناقضين للعهد وإن كان النقض قد وقع من بعضهم ، ورضي الباقون وكتموه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يطلعوه عليه ، وكذلك فعل بأهل مكة لما نقض بعضهم عهده وكتم الباقون وسكتوا ولم يطلعوه على ذلك أجرى الجميع على حكم النقض وغزاهم في عقر دارهم .
وهذا هو الصواب الذي لا يجوز غيره ، وبالله التوفيق .
وقد اتفق المسلمون على أن حكم الردة والمباشر في الجهاد كذا ، وكذلك اتفق الجمهور على أن حكمهم سواء في قطع الطريق ، وإنما خالف فيه وحده ، وكذلك حكم البغاة يستوي فيه ردؤهم ومباشرتهم ، وهذا هو محض الفقه والقياس ، فإن المباشرين إنما وصلوا إلى الفعل بقوة ردئهم فهم مشتركون في السبب ، هذا بالفعل وهذا بالإعانة وهذا بالحفظ والحراسة ، ولا يجب الاتفاق والاشتراك في عين كل سبب سبب ، والله أعلم . الشافعي