193 - فصل في تلخيص هذه الأقوال التي حكيناها .
فمنها قولان من جنس واحد وهما :
[ الأول : ] قول من يقول : ولدوا على ما سبق به القدر .
[ ص: 1069 ] و
[ الثاني : ] قول من يقول : ولدوا على وجود المقدر ، وكانوا مفطورين عليه من حين الميثاق الأول طوعا وكرها .
وقولان من جنس ، وهما :
[ الأول : ] قول من يقول : ولدوا قادرين على المعرفة .
و
[ الثاني : ] قول من يقول : ولدوا قابلين لها وللتهود ، والتنصر ، إما مع التساوي ، أو مع رجحان القبول للإسلام .
وقولان من جنس ، وهما :
[ الأول : ] قول من يقول : ولدوا على فطرة الإسلام .
و
[ الثاني : ] قول من يقول : ولدوا على الإقرار بالصانع ، أو على المعرفة الأولى يوم أخذ الميثاق .
وقولان من جنس ، وهما :
[ الأول : ] قول من يقول : ولدوا على سلامة القلب ، وخلوه من الكفر والإيمان .
و
[ الثاني : ] قول من يقول : ولدوا مهيئين لذلك قابلين له .
وقولان من جنس ، وهما :
[ الأول : ] قول من يقول : الحديث منسوخ .
و
[ الثاني : ] قول من يقف في معناه .
والصحيح من هذه الأقوال ما دل عليه القرآن ، والسنة أنهم بحيث لو تركوا وفطرهم لكانوا حنفاء مسلمين ، [ ص: 1070 ] كما ولدوا أصحاء كاملي الخلقة ، فلو تركوا وخلقهم لم يكن فيهم مجدوع ، ولا مشقوق الأذن . ولدوا حنفاء على فطرة الإسلام
ولهذا لم يذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - لذلك شرطا مقتضيا غير الفطرة ، وجعل خلاف مقتضاها من فعل الأبوين .
" ، فأخبر أن تغيير الحنيفية التي خلقوا عليها بأمر طارئ من جهة الشيطان ، ولو كان الكفار منهم مفطورين على الكفر لقال : خلقت عبادي مشركين ، فأتتهم الرسل فاقتطعتهم عن ذلك ، كيف وقد قال : " وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يروي عن ربه عز وجل : " إني خلقت عبادي حنفاء ، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم " ؟ فهذا القول أصح الأقوال ، والله أعلم . خلقت عبادي حنفاء كلهم