قول العباس بن مرداس السلمي:
عفى مجدل من أهله فمتالع فمطلى أريك قد خلا فالمصانع ديار لنا يا جمل إذ جل عيشنا
رخي وصرف الدهر للحي جامع حبيبة ألوت بها غربة النوى
لبين فهل ماض من العيش راجع؟ فإن تتبع الكفار غير ملومة
فإني وزير للنبي وتابع دعانا إليه خير وفد علمتهم
خزيمة والمرار منهم وواسع [ ص: 265 ] فجئنا بألف من سليم عليهم
لبوس لهم من نسج داود رائع نبايعه بالأخشبين وإنما
يد الله بين الأخشبين نبايع فجسنا مع المهدي مكة عنوة
بأسيافنا والنقع كاب وساطع علانية والخيل يغشى متونها
حميم وآن من دم الجوف ناقع ويوم حنين حين سارت هوازن
إلينا وضأت بالنفوس الأضالع صبرنا مع الضحاك لا يستفزنا
قراع الأعادي منهم والوقائع أمام رسول الله يخفق فوقنا
لواء كخذروف السحابة لامع عشية ضحاك بن سفيان معتص
بسيف رسول الله والموت كانع نذود أخانا عن أخينا ولو نرى
مصالا لكنا الأقربين نتابع ولكن دين الله دين محمد
رضينا به فيه الهدى والشرائع أقام به بعد الضلالة أمرنا
وليس لأمر حمه الله دافع
ما بال عينك فيها عائر سهر مثل الحماطة أغضى فوقها الشفر
عين تأوبها من شجوها أرق فالماء يغمرها طورا وينحدر
كأنهم نظم در عند ناظمه تقطع السلك منه فهو منتثر
يا بعد منزل من ترجو مودته ومن أتى دونه الصمان فالحفر
دع ما تقدم من عهد الشباب فقد ولى الشباب وزار الشيب والذعر
[ ص: 266 ] واذكر بلاء سليم في مواطنها وفي سليم لأهل الفخر مفتخر
قوم هم نصروا الرحمن واتبعوا دين الرسول وأمر الناس مشتجر
لا يغرسون فسيل النخل وسطهم ولا تخاور في مشتاهم البقر
إلا سوابح كالعقبان مقربة في دارة حولها الأخطار والعكر
يدعى خفاف وعوف في جوانبها وحي ذكوان لا ميل ولا ضجر
الضاربون جنود الشرك ضاحية ببطن مكة والأرواح تبتدر
حتى رفعنا وقتلاهم كأنهم نخل بظاهرة البطحاء منقعر
ونحن يوم حنين كان مشهدنا للدين عزا وعند الله مدخر
إذ نركب الموت مخضرا بطائنه والخيل ينجاب عنها ساطع كدر
تحت اللوامع والضحاك يقدمنا كما مشى الليث في غاباته الخدر
في مأزق من مكر الحرب كلكلها تكاد تأفل منه الشمس والقمر
وقد صبرنا بأوطاس أسنتنا لله ننصر من شئنا وننتصر
حتى تأوب أقوام منازلهم لولا المليك ولولا نحن ما صدروا
فما ترى معشرا قلوا ولا كثروا إلا وأصبح منا فيهم أثر
[ ص: 267 ]