837 - أنا أبو الحسن علي بن عبد الملك بن شبابة الدينوري ، أنا أبو العباس أحمد بن محمد بن إسحاق الرازي الحافظ ، نا أحمد بن محمد بن مهدي ، - نزيل قزوين - بالري ، أنا الحسين بن عمرو المروزي ببغداد ، قال : نا مقاتل بن صالح الخراساني - صاحب الحميدي - بمكة ، قال : " دخلت على فإذا ليس في البيت إلا حصير - وهو جالس عليه - ومصحف يقرأ فيه ، وجراب فيه علمه ، ومطهرة يتوضأ فيها ، فبينا أنا عنده جالس ، إذ دق عليه داق الباب ، فقال : يا صبية ، اخرجي فانظري من هذا ؟ قالت : هذا رسول حماد بن سلمة ، قال : قولي له يدخل وحده ، فدخل ، فسلم ، وناوله كتابه . فقال : اقرأه ، فإذا فيه : بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد بن سليمان ، إلى محمد بن سليمان أما بعد : [ ص: 363 ] فصبحك الله بما صبح به أولياءه وأهل طاعته ، وقعت مسألة ، فأتنا نسألك عنها ، قال : يا صبية هلمي الدواة ، ثم قال لي : اقلب الكتاب واكتب : أما بعد : وأنت فصبحك الله بما صبح به أولياءه وأهل طاعته . إنا أدركنا العلماء وهم لا يأتون أحدا ، فإن وقعت مسألة فأتنا فسلنا عما بدا لك ، وإن أتيتني فلا تأتني إلا وحدك ، ولا تأتني بخيلك ورجلك ، فلا أنصحك ولا أنصح نفسي والسلام . فبينا أنا عنده جالس إذ دق داق الباب ، فقال : يا صبية اخرجي فانظري من هذا ؟ قالت : هذا حماد بن سلمة ، قال : قولي له يدخل وحده ، فدخل فسلم ثم جلس بين يديه ، ثم ابتدأ فقال : ما لي إذا نظرت إليك امتلأت رعبا ؟ فقال حماد : سمعت محمد بن سليمان ، يقول : سمعت ثابتا البناني يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أنس بن مالك إن العالم إذا أراد بعلمه وجه الله هابه كل شيء ، وإذا أراد أن يكنز به الكنوز هاب من كل شيء . فقال : ما تقول يرحمك الله في رجل له ابنان وهو عن أحدهما أرضى ، فأراد أن يجعل له في حياته ثلثي ماله ، قال : لا تفعل - رحمك الله - فإني سمعت يقول : سمعت ثابتا البناني يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أنس بن مالك إن الله إذا أراد أن يعذب عبده بماله وفقه عند موته لوصية جائرة . قال : فحاجة إليك ، قال : هات ، ما لم تكن رزية في دين ، قال : أربعين ألف درهم تأخذها تستعين بها على ما أنت عليه . قال : ارددها على من ظلمته بها . قال : والله ما أعطيك إلا ما ورثته . قال : لا حاجة لي فيها ، ازوها عني زوى الله عنك أوزارك . قال : فغير هذا ، قال : هات ، ما لم يكن رزية في دين ، قال : تأخذها فتقسمها ، قال : فلعلي إن عدلت في قسمها أن يقول بعض من لم يرزق منها : إنه لم يعدل في قسمها فيأثم . ازوها عني زوى الله عنك أوزارك " .