1695 - أنا علي بن أحمد بن إبراهيم البزاز بالبصرة ، نا الحسن بن محمد بن عثمان الفسوي ، نا قال : ذاكرني يعقوب بن سفيان زيد بن بشر ، فقال : قد أقمت بمصر ، أفحي أبواك ؟ فقلت : أما الأم فنعم ، وقد عزمت أن أحج العام ، وأخرج إليها ، فقال : سبحان الله! وتقيم إلى إبان الحج ، ثم تحج وتخرج إليها ؟ وما يؤمنك أن تموت فتبقى غصة في نفسك ، ثم قال : فإن أصحابنا كانوا إذا طعنوا في السن لحقوا بالرباط ما كنت أظن أنك ترضى لنفسك هذه المنزلة ، تغيب عن أمك في طلب العلم ، فقلت : إنها راضية بغيبتي عنها ، فقال : لا تقل ذلك ، بالإسكندرية ، ورفضوا الفسطاط . قال : فأخبرني أبو عمر بن إدريس بن يحيى الخولاني - وكنا نقول : إنه من الأبدال ، بل كان كذلك - قال : لما طعن أبي في السن لحق بالإسكندرية للرباط ، فأقام بها ، ورفض الفسطاط ، قال : وكانت أمي حية ، فإذا كان أيام الرباط استأذنتها ، فتأذن لي ، فأخرج إلى الإسكندرية ، فأرابط بها الشهر ، أو الأكثر ، ثم أقدم عليها ، فمات أبي ، فلما كان أيام الرباط ، استأذنتها في الرباط ، فقالت : يا بني أخبرك بحالي - وأنت أمير نفسك - والله يا بني ما خرجت قط إلى الإسكندرية إلا وقلبي معلق بيدي حتى ترجع إلي ، فقلت : يا أمه ، فما لك لم تخبريني بهذا حتى كنت لا أخرج ؟ قالت : يا بني كان أبوك حيا ، وكنت أرى أن له عليك حقا ، وبرا ، فكنت أرى وأوجب على نفسي أن أصبر لما يجب لأبيك عليك من الحق والبر ، فلما أن مات أبوك ، فإن شئت أن تخرج إلى الرباط - على ما أعلمتك - فاخرج ، قال : فقلت : " معاذ الله أن أخرج على ما تصفين ، ولو علمت من قبل الحال ما كنت لأخرج ، فتركت الرباط حتى ماتت أمي " .