وقد روي عن جابر - رضي الله عنه - ، أنه شهد صلاة الخوف مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذات الرقاع ، وأنه صلاها بهم على غير ما روي في ذلك ، عن صالح بن خوات بن جبير وذلك أن ابن أبي داود :
374 - حدثنا ، قال : حدثنا قال : حدثنا موسى بن إسماعيل أبو سلمة المنقري ، قال : حدثني أبان بن يزيد العطار ، عن يحيى بن أبي كثير ، أبي سلمة ، قال : كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بذات الرقاع فأقيمت الصلاة ، " فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بطائفة ركعتين وتأخروا ، وصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالطائفة الأخرى " ، وكان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربع ركعات وللقوم ركعتان جابر بن عبد الله ، [ ص: 201 ] . عن
فقد عارض هذا الحديث الذي روينا عن جابر في يوم ذات الرقاع ما روي فيه عن صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بالناس صلاة الخوف صالح بن خوات ، ووجدنا حكم سائر الصلوات أن المأمومون لا يتقدمون الإمام فيها نقصا ولا غيره ، وأنهم إنما يقضون ما يجب عليهم قضاؤه منها بعد خروج أئمتهم منها .
فإن قال قائل : حديث صالح هذا أولى بصلاة الخوف من الآثار الأول ، لأن في هذا قضاء كل طائفة بقية صلاتها قبل انصرافها عن القبلة ، وفي الآثار التي قبلها انصراف الطائفة الأولى من الصلاة ، وتحويل وجوههم عن القبلة قبل فراغ الصلاة ، وهذا فليس للمأمومين فعله .
قيل له : إنما يمنع المأمومون من هذا في الصلاة إذا كان لغير عذر ، فأما إذا كان له عذر فإن تحويلهم وجوههم عن القبلة لذلك العذر غير ضار لهم وغير مخرج لهم من صلاتهم .
ألا ترى أن رجلا لو انهزم عن العدو ، وحضرت الصلاة أن له أن يصلي مستدبر القبلة ، وكذلك لو أراد رجل الصلاة أن له أن يصلي مستدبر القبلة وكذلك لو أراد رجل الصلاة ، فقام رجل من العدو على رأسه بسيف يمنعه من استقبال القبلة كان في سعة من استدبار القبلة والصلاة كذلك .
فلما كان استدبار القبلة للخوف الذي ذكرنا مباحا في سائر الصلوات كان استدبار القبلة في صلاة الخوف للخوف الذي يخافونه فيها مباحا لهم من أجله استدبار القبلة .