ولما اختلفوا في ذلك نظرنا فيما اختلفوا فيه منه ، فوجدنا الذي كان يحتج به متقدمو أصحابنا لقولهم من إباحة التفريق ، وأن لا فضل للمتتابع في ذلك على المتفرق منه أنهم وجدوا من أفطر من شهر رمضان يوما ، وصام بقية الشهر : أن عليه قضاء يوم مكان ذلك اليوم الذي أفطره ، وأنه لا يجب عليه أن يعيد صوم بقية الشهر موصولا باليوم الذي يقضيه منه ، ليكون قد قضى الشهر متتابعا كما كان يصومه في عين الشهر متتابعا .
قال : فدل ذلك على أنه إنما يكون صوم رمضان عليه متتابعا لموافقة عين الشهر ، فإذا زالت عين الشهر وجب حكم التتابع ، ووجب القضاء بقدر عدة أيامه .
قالوا : ولو كان وجب قضاؤه متتابعا لوجب على من أفطر شهرين متتابعين من كفارة قتل الخطأ ، أو كفارة ظهار ، أو من كفارة إفطار من جماع في يوم شهر رمضان متعمدا ، إذا أفطر منه يوما أن يستأنف الصوم حتى يأتي به كله متتابعا .
فكان في حجتهم هذه كفاية عندنا على جميع المخالفين لهم فيما ذكرناه عنهم ، إذ لا نعلم لهم مخالفا فيما ذكروه من وجوب قضاء يوم على الذي أفطر يوما من قضاء شهر رمضان ، لا قضاء غيره من ذلك الشهر ، حتى وجدنا شيئا يروى عن في ذلك ، وهو أن سعيد بن المسيب يزيد بن سنان :
841 - حدثنا ، قال : حدثنا قال : حدثنا أبي ، عن معاذ بن هشام ، عن قتادة ، سعيد ، أنه قال في قال : " عليه صوم شهر " . الذي يفطر يوما من رمضان متعمدا
واحتمل هذا عندنا من قول سعيد أن يكون أراد به صوم شهر مكان شهر رمضان الذي لم يأت به متتابعا ، حتى يكون قد قضاه متتابعا ، أو يكون قد أراد بصوم شهر كفارة [ ص: 402 ] لانتهاك الحرمة التي انتهكها ، فنظرنا في ذلك فوجدنا .
842 - قد حدثنا ، قال : حدثنا يزيد بن سنان قال : حدثنا أبي ، عن معاذ بن هشام ، عن قتادة ، أنه كان يقول في الذي عليه سعيد بن المسيب ، " يقضيه متفرقا إن شاء " . قضاء شهر رمضان :
فدل ذلك أن مراد سعيد الذي ذكرناه عنه في هذا الحديث الأول أنه ليكون كفارة عما انتهك من الحرمة ، لا لما سوى ذلك .