7 - ( 252 ) : حدثنا قال : ثنا محمد بن بشار ، يحيى - وقرأه علي من كتابي - قال : ثنا سفيان ، [ ص: 429 ] قال : ثنا مسلمة - وهو ابن كهيل ، - عن أبي الزعراء ، قال : ذكروا الدجال عند قال : عبد الله " تفترقون أيها الناس عند خروجه ثلاث فرق " فذكر الحديث بطوله ، وقال : ثم يتمثل الله للخلق فيلقى اليهود ، فيقول : من تعبدون ؟ .
فيقولون : نعبد الله لا نشرك به شيئا ، فيقول : هل تعرفون ربكم ؟ فيقول سبحانه ، إذا اعترف لنا عرفناه .
فعند ذلك : يكشف عن ساق فلا يبقى مؤمن ولا مؤمنة إلا خر لله سجدا " .
وذكر باقي الخبر خرجت هذا الحديث بتمامه في كتاب " الفتن " ، في ذكر الدجال . قال (في) هذه الأخبار دلالة على أن قوله جل وعلا : أبو بكر : كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون إنما أراد الكفار الذين كانوا يكذبون بيوم الدين ، [ ص: 430 ] بضمائرهم ، فينكرون ذلك بألسنتهم ، دون المنافقين الذين كانوا يكذبون بضمائرهم ويقرون بألسنتهم بيوم الدين ، رياء وسمعة ألا تسمع إلى قوله - عز وجل - ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم ، إلى قوله ويل يومئذ للمكذبين الذين يكذبون بيوم الدين إلى قوله: كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون - أي المكذبون بيوم الدين .
ألا ترى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أعلم أن منافقي هذه الأمة يرون الله حين يأتيهم في صورته التي يعرفون .
هذا في خبر وفي خبر أبي هريرة ، أبي سعيد " فيكشف عن ساق فيخرون سجدا أجمعون " .
وفيه ما دل على أن المنافقين يرونه للاختبار والامتحان ، فيريدون السجود فلا يقدرون عليه .
وفي خبر أبي سعيد [ ص: 431 ] " فلا يبقى من كان يعبد صنما ولا وثنا ولا صورة إلا ذهبوا حتى يتساقطون في النار " . فالله سبحانه وتعالى يحتجب على هؤلاء الذين يتساقطون في النار ، ويبقى من كان يعبد الله وحده من بر وفاجر ومنافق (وبقايا) أهل الكتاب .
ثم ذكر في الخبر أيضا - : " أن من كان يعبد غير الله من اليهود والنصارى يتساقطون في النار ، ثم يتبدى الله عز وجل لنا في صورة غير الصورة التي رأيناه فيها " .
وفي هذا الخبر ما بان وثبت وصح أن جميع الكفار قد تساقطوا في النار وجميع أهل الكتاب الذين كانوا يعبدون غير الله .
وأن الله - جل وعلا - إنما يتراءى لهذه الأمة برها وفاجرها ومنافقها بعدما تساقط أولئك في النار .
فالله جل وعلا : كان محتجبا عن جميعهم لم يره منهم أحد كما قال تعالى : كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ثم إنهم لصالو الجحيم ثم يقال هذا الذي كنتم به تكذبون .
فأعلمنا الله - عز وجل - أن من حجب عنه يومئذ ، هم المكذبون ، بذلك في الدنيا ، ألا تسمع قوله تعالى : هذا الذي كنتم به تكذبون .
وأما المنافقون : فإنما كانوا يكذبون بذلك بقلوبهم ويقرون بألسنتهم رياء وسمعة .
[ ص: 432 ] فقد يتراءى لهم رؤية امتحان واختبار . وليكن حجبه إياهم بعد ذلك عن رؤيته حسرة عليهم وندامة ، إذ لم يصدقوا به بقلوبهم وضمائرهم ، وبوعده ووعيده ، وما أمر به ونهى عنه ، وبيوم الحسرة والندامة .
وفي حديث سهيل ، عن أبيه ، عن قال : أبي هريرة " فيلقى العبد فيقول : أي قل : ألم أكرمك ؟ . . . . ) إلى قوله : " فاليوم أنساك كما نسيتني " .
فاللقاء الذي في هذا الخبر غير الترائي .
لأن الله - عز وجل - يترائى لمن قال له هذا القول ، وهذا الكلام الذي يكلم به الرب - جل ذكره - عبده الكافر يوم القيامة كلام من وراء الحجاب ، من غير نظر الكافر إلى خالقه ، في الوقت الذي يكلم به ربه - عز وجل - . وإن كان كلام الله إياه كلام توبيخ وحسرة ، وندامة للعبد ، لا كلام بشر وسرور وفرح ونضرة وبهجة .
ألا تسمعه يقول في الخبر - بعد ما يتبع أولياء الشياطين واليهود والنصارى أولياءهم ، إلى جهنم قال : " ثم نبقى أيها المؤمنون فيأتينا ربنا ، فيقول : على ما هؤلاء قيام ؟
فيقولون : نحن عباد الله المؤمنون ، وعبدناه وهو ربنا وهو آتنا ويثبتنا ، وهذا مقامنا ، فيقول : " أنا ربكم ويضع الجسر " .
أفلا تسمع إلى قوله : فيأتينا ربنا ، إنما ذكره بعد تساقط الكفار واليهود والنصارى في جهنم .
[ ص: 433 ] فهذا الخبر دال : أن قوله : " فيلقى العبد " وهو لقاء غير الرؤية .
قال الله عز وجل : إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا الآية ، وقال : فنذر الذين لا يرجون لقاءنا في طغيانهم يعمهون وقال : فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا الآية ، و قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله .
والعلم محيط : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يرد بقوله : لم يرد من يرى الله وهو يشرك به شيئا . (من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة ، ومن لقي الله يشرك به دخل النار)
واللقاء غير الرؤية والنظر .
[ ص: 434 ] [ ص: 435 ] [ ص: 436 ] [ ص: 437 ] ولا شك ولا ارتياب أن قوله : والذين كذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة .
ليس معناه ورؤية الآخرة .
قال قد بينت في كتاب " الإيمان " في ذكر شعب الإيمان وأبوابه معنى اللقاء ، فأغنى ذلك عن تكراره في هذا الموضع . أبو بكر :