الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
ش - الفار من الطرد ، أعني القائل بأن nindex.php?page=treesubj&link=27843الأمر بالشيء هو بعينه النهي عن الضد أو يستلزمه ، والنهي عن الشيء لا يكون بعينه [ ص: 66 ] أمرا بالشيء ولا يستلزمه ، إنما يفر من الطرد .
إما لأن النهي طلب نفي فعل ، أي طلب أن لا يفعل ، وهو عدم . والأمر طلب وجود فعل ، وطلب العدم لا يكون طلب الوجود ولا متضمنا له .
وهذا الدليل يوجب أن لا يكون الأمر بالشيء نهيا عن ضده ، ولا مستلزما له ; لأن طلب الوجود لا يكون بعينه طلب العدم ، ولا متضمنا له .
وأما الإلزام المذكور ، وهو لزوم كون الزنا واجبا ، وهذا أيضا باطل ، لأن الأمر بالشيء لو كان عين النهي عن ضده ، أو مستلزما له ، يلزم أن يكون الأمر بالصلاة بعينه نهيا عن الحج أو مستلزما له ; فإن الصلاة ضد الحج .
وإما لأن أمر الإيجاب يستلزم الذم على الترك ، والترك فعل ، لما تقدم من أن الذم لا يكون إلا على الفعل ، فاستلزم الأمر النهي ; لأن الترك الذي هو فعل يذم عليه ، منهي عنه ، والنهي عن الشيء لا يستلزم الأمر بالضد ؛ لأن النهي طلب كف عن فعل ، والأمر طلب فعل غير كف .
فلو كان النهي مستلزما للأمر لزم أن يكون طلب الكف مستلزما لطلب غير الكف ، وهو مستحيل .
[ ص: 67 ] وهذا الدليل أيضا يوجب أن يكون الأمر بالشيء لا يكون مستلزما للنهي عن الضد ; لأنه كما لا يمكن استلزام طلب الكف لطلب غير الكف لا يمكن استلزام طلب غير الكف للكف .
وإما لأنه لو كان النهي مستلزما للأمر ، لزم نفي المباح ؛ لأنه يلزم من النهي الأمر بالمباح الذي هو ضد المنهي عنه فانتفى المباح لكونه مأمورا به ، والمأمور به واجب .
وهو أيضا باطل ; لأن الأمر بالشيء لو كان مستلزما للنهي عن الضد يلزم أيضا نفي المباح .