[ 7679 ] وعن رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في طائفة من أصحابه فقال: أبي هريرة "إن الله - تبارك وتعالى - لما فرغ من خلق السموات والأرض خلق الصور فأعطاه إسرافيل، فهو واضعه على فيه، شاخص إلى العرش ببصره ينتظر متى يؤمر. [ ص: 148 ]
قال: قلت: يا رسول الله، قال: قرن. قال: فكيف هو؟ قال: عظيم. قال: والذي بعثني بالحق إن أعظم دارة فيه كعرض السموات والأرض، ينفخ فيه ثلاث نفخات: الأولى نفخة الفزع، والثانية نفخة الصعق، والثالثة نفخة القيام لرب العالمين، يأمر الله ما الصور؟ إسرافيل بالنفخة الأولى فيقول: انفخ نفخة الفزع. فينفخ نفخة الفزع، فيفزع أهل السموات والأرض إلا من شاء الله، فيأمره فيمدها ويطليها فلا يفتر، وهي التي يقول: ( وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق ) فتسير الجبال سير السحاب فتكون سرابا، وترتج الأرض بأهلها رجا، فتكون كسفينة موبقة في البحر تضربها الأمواج وتكفأ بأهلها، كالقنديل المعلق بالعرش ترجحه الأرواح ألا وهو الذي يقول الله - عز وجل - : ( يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة قلوب يومئذ واجفة ) فيميد الناس على ظهرها تذهل المراضع، وتضع الحوامل، وتشيب الولدان، وتطير الشياطين هاربة من الفزع حتى تأتي الأقطار، فتلقاها الملائكة تضرب وجوهها فترجع، ثم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم، ينادي بعضهم بعضا، وهو الذي يقول الله - عز وجل - : ( يوم التناد ) فبينا هم على ذلك إذ تصدعت الأرض بصدعين من قطر إلى قطر، فرأوا أمرا عظيما لم يروا مثله، وأخذهم من ذلك من الكرب والهول ما الله به عليم، ثم تطوى السماء فإذا هي كالمهل، ثم انشقت السماء فانتثرت نجومها، وخسف شمسها وقمرها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الأموات لا يعلمون بشيء من ذلك. قال أبو هريرة: يا رسول الله، من استثنى الله حين يقول: ( ففزع من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ) ؟ قال: أولئك الشهداء، وإنما يصل الفزع إلى الأحياء،.......والأحياء عند ربهم يرزقون وقاهم الله فزع ذلك اليوم، وأمنهم منه، وهو عذاب الله يبعثه الله على شرار خلقه، قال: وهو الذي يقول الله: ( يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد ) فيمكثون في ذلك البلاء ما شاء الله إلا أنه يطول، ثم يأمر الله - تعالى - إسرافيل بنفخة الصعق. فيقول: انفخ نفخة الصعق، فيصعق أهل السموات والأرض [ ص: 149 ] إلا من شاء الله، فإذا خمدوا، جاء ملك الموت، فيقول: يا رب، مات أهل السموات والأرض إلا من شئت. فيقول الله - وهو أعلم بمن بقي - : فمن بقي؟ فيقول: يا رب، بقيت أنت الحي الذي لا يموت، وبقيت حملة العرش، وبقيجبريل، وميكائيل، وبقيت أنا. فيقول الله - عز وجل - : ليمت جبريل وميكائيل. فينطق الله العرش، فيقول: يا رب ليمت جبريل وميكائيل! فيقول: اسكت، إني كتبت الموت على كل من كان تحت عرشي. فيموتان، ثم يأتي ملك الموت إلى الجبار - تبارك وتعالى - فيقول: يا رب، بقيت أنت الحي الذي لا يموت، وبقي حملة عرشك، وبقيت أنا. فيقول: ليمت حملة عرشي. فتموت، ويأمر الله العرش فيقبض الصور من إسرافيل، ثم يأتي ملك الموت إلى الجبار، فيقول: يا رب، بقيت أنت الحي الذي لا يموت، وبقيت أنا. فيقول الله: أنت خلق من خلقي، خلقتك لما رأيت فمت. فيموت، فإذا لم يبق إلا الله الواحد الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد، كان إذا كما كان أولا، طوى السموات والأرض كطي السجل للكتاب، ثم دحاهما، ثم يلقيهما ثلاث مرات، وقال: أنا الجبار - ثلاثا - ثم هتف بصوته: ( لمن الملك اليوم ) ثلاث مرات، فلا يجيبه أحد، ثم يقول لنفسه: ( لله الواحد القهار ) ويبدل الله - عز وجل - الأرض غير الأرض والسموات، فيبسطها ويسطحها ويمدها مد الأديم العكاظ، لا ترى فيها عوجا ولا أمتا، ثم يزجر الله الخلق زجرة، فإذا هم في هذه المنزلة في مثل ما كانوا فيه من الأولى من كان في بطنها كان في بطنها، ومن كان على ظهرها كان على ظهرها، ثم ينزل الله عليكم ماء من تحت العرش، ثم يأمر الله السماء أن تمطر، فتمطر أربعين يوما، حتى يكون الماء فوقهم اثني عشر ذراعا، ثم يأمر الله الأجساد أن تنبت كنبات الطراثيث، أو كنبات البقل، حتى إذا تكاملت أجسادهم، فكانت كما كانت، قال الله: ليحيا حملة عرشي. فيحيون، ويأمر الله إسرافيل فيأخذ الصور ويضعه على فيه، ثم يقول: ليحيا جبريل وميكائيل. فيحيان، ثم يدعو الله بالأرواح فيؤتى بهما ترهج أرواح المسلمين نورا والأخرى ظلمة، فيقبضها جميعا، ثم يلقيها في الصور، ثم يأمر الله - عز وجل - إسرافيل أن ينفخ نفخة البعث، فتخرج الأرواح كأنها النحل، قد ملأت ما بين السماء والأرض فيقول الله - تعالى - : وعزتي وجلالي، لترجعن كل روح إلى جسدها. فتدخل الأرواح في الأرض إلى الأجساد، فتدخل في الخياشيم ثم تمشي في الأجساد مشي [ ص: 150 ] السم في اللديغ، ثم تنشق الأرض عنكم، وأنا أول من تنشق عنه الأرض، فتخرجون منها سراعا إلى ربكم تنسلون مهطعين إلى الداع يقول الكافر هذا يوم عسير، حفاة عراة غلفا غرلا، ثم تقفون موقفا واحدا مقدار سبعين عاما لا ينظر إليكم ولا يقضى بينكم، فتبكون حتى تنقطع الدموع ثم تدمعون دما، وتعرقون حتى يبلغ ذلك منكم أن يلجمكم أو يبلغ الأذقان، فتضجون وتقولون: من يشفع لنا إلى ربنا يقضي بيننا؟ فيقولون: من أحق بذلكم من أبيكم آدم، خلقه الله بيده، ونفخ فيه من روحه، وكلمه قبلا. فيأتون آدم فيطلبون ذلك إليه فيأبى فيقول: ما أنا بصاحب ذلك. ثم يستقرون الأنبياء نبيا نبيا، كلما جاؤوا نبيا أبى عليهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حتى يأتوني، فأنطلق حتى آتي الفحص فأخر ساجدا. فقال أبو هريرة: يا رسول الله، ما الفحص؟ قال: قدام العرش حتى يبعث الله إلي ملكا فيأخذ بعضدي فيرفعني، فيقول لي: يا محمد. فأقول: نعم. فيقول: ما شأنك؟ - وهو أعلم - فأقول: رب وعدتني الشفاعة، فشفعني في خلقك فاقض بينهم. قال: قد شفعتك، أنا آتيكم فأقضي بينكم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأرجع فأقف مع الناس، فبينا نحن وقوف سمعنا حسا من السماء شديدا، فينزل أهل السماء الدنيا مثل من في الأرض من الجن والإنس، حتى إذا دنوا من الأرض أشرقت الأرض بنورهم وأخذوا مصافهم، وقلنا لهم: أفيكم ربنا؟ قالوا: لا، وهو آت. ثم ينزل أهل السماء الثانية بمثل من نزل من الملائكة ومثل من نزل من الجن والإنس، حتى إذا دنوا من الأرض أشرقت الأرض بنورهم وأخذوا مصافهم، وقلنا لهم: أفيكم ربنا؟ قالوا: لا، وهو آت. ثم ينزلون على قدر ذلك من التضعيف، حتى ينزل الجبار - تبارك وتعالى - في ظلل من الغمام والملائكة، يحمل عرشه يومئذ ثمانية وهم اليوم أربعة أقدامهم على تخوم الأرض السفلى، والأرض والسموات إلى حجزهم والعرش على مناكبهم، لهم زجل من تسبيحهم تقول: سبحان ذي العزة والجبروت، سبحان ذي الملك والملكوت، سبحان الحي الذي يميت الخلائق ولا يموت (... ) فيضع الله كرسيه حيث شاء الله من أرضه، ثم يهتف بصوته، فيقول: يا معشر الجن والإنس، إني قد أنصت لكم من يوم خلقتكم إلى يومكم هذا، أسمع قولكم وأبصر أعمالكم فانصتوا لي، فإنما هي أعمالكم وصحفكم تقرأ عليكم، فمن وجد خيرا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه. ثم يأمر الله جهنم فيخرج منها عنق ساطع مظلم، ثم يقول الله - عز وجل - : ( ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين [ ص: 151 ] وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم ولقد أضل منكم جبلا كثيرا أفلم تكونوا تعقلون هذه جهنم التي كنتم توعدون ) - أو بها تكذبون، شك أبو عاصم - ( وامتازوا اليوم أيها المجرمون ) فيميز الله الناس وتجثو الأمم يقول: ( وترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها اليوم ) فيقضي بين خلقه إلا الثقلين الإنس والجن، فيقضي الله بين الوحوش والبهائم حتى إنه ليقيد الجماء من القرناء فإذا فرغ الله من ذلك فلم تبق تبعة واحدة لأخرى قال الله - عز وجل - لها: كوني ترابا. فعند ذلك يقول الكافر: يا ليتني كنت ترابا. ثم يقضي الله - عز وجل - بين العباد فيكون أول ما يقضي فيه الدماء، ويأتي كل قتيل في سبيل الله ويأمر الله فيؤخذ من قتل فيحمل رأسه تشخب أوداجه فيقول: يا رب، فيم قتلني هذا؟ فيقول الله - عز وجل - وهو أعلم: فيم قتلتهم؟ فيقول: يا رب، قتلتهم لتكون العزة لك. فيقول الله: صدقت. فيجعل الله وجهه مثل نور السموات والأرض ثم يشيعه إلى الجنة، ثم يأتي كل من كان يقتل على غير ذلك ويأمر من قتل بحمل رأسه وتشخب أوداجه فيقول: يا رب، فيم قتلني هذا؟ فيقول الله وهو أعلم: لم قتلتهم؟ فيقول: يا رب قتلتهم لتكون العزة لي، فيقول الله - تبارك وتعالى - : تعست. ثم ما تبقى نفس قتلها إلا قتل بها ولا مظلمة إلا أخذ بها وكان في مشيئة الله إن شاء عذبه وإن شاء رحمه، ثم يقضي الله بين من بقي من خلقه حتى لا تبقى مظلمة لأحد عند أحد إلا أخذها الله للمظلوم من الظالم، حتى إنه ليكلف شائب اللبن بالماء ثم يبيعه أن يخلص اللبن من الماء فإذا فرغ الله من ذلك نادى مناد يسمع الخلائق كلهم يقال: ليلحق كل قوم بأهليهم وما كانوا يعبدون من دون الله، فلا يبقى أحد عبد من دون الله شيئا إلا مثلت له آلهته بين يدي الله، فيجعل يومئذ ملك من الملائكة على صورة عزير، ويجعل ملك من الملائكة على صورة عيسى، فيتبع هذا اليهود، ويتبع هذا النصارى، ثم قادتهم آلهتهم إلى النار، فهو الذي يقول: ( لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون ) فإذا لم يبق إلا المؤمنون فيهم [ ص: 152 ] المنافقون جاءهم الله - تبارك وتعالى - فيما شاء (برهبته ) فقال: يا أيها الناس، ذهب الناس فالحقوا بآلهتكم وما كنتم تعبدون، فيقولون: والله ما لنا إله إلا الله ما كنا نعبد غيره. فينصرف عنهم وهو الله - عز وجل - يأتيهم فيمكث ما شاء الله أن يمكث، ثم يأتيهم فيقول: يا أيها الناس، ذهب الناس فالحقوا بآلهتكم وما كنتم تعبدون. فيقولون: والله ما لنا إله إلا الله ما كنا نعبد غيره. فيكشف عن ساقه ويتجلى لهم من عظمته ما يعرفون به أنه ربهم فيخرون سجدا على وجوههم، ويخر كل منافق على قفاه ويجعل الله - عز وجل - أصلابهم كصياصي البقر، ثم يأذن الله - عز وجل - لهم فيرفعون، ويضرب الله - عز وجل - الصراط بين ظهراني جهنم كحد الشعر - أو كعقد - أو كحد السيف، عليه كلاليب وخطاطيف وحسك كحسك السعدان ودونه جسر دحض زلة فيمرون كطرف البصر أو كلمح البرق أو كمر الريح أو كجياد الخيل أو كجياد الركاب أو كجياد الرحال، فناج سالم وناج مخدوش ومكدوح على وجهه في جهنم، فإذا قضى الله أهل الجنة إلى الجنة، قالوا: من يشفع لنا إلى ربنا فيدخلنا الجنة؟ فيقولون: من أحق بذلك من أبيكم آدم خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه وكلمه قبلا، فيأتون آدم فيطلب ذلك إليه، فيذكر ذنبا ويقول: ما أنا بصاحب ذلك، ولكن عليكم بنوح فإنه أول رسل الله. فيؤتى نوح فيطلب ذلك إليه، فيذكر ذنبا ويقول: ما أنا بصاحب ذلك، ويقول: عليكم بإبراهيم. فيطلب ذلك إليه، فيذكر ذنبا، فيقول: ما أنا بصاحبكم عليكم بموسى - عليه الصلاة والسلام - فإنه قربه نجيا وكلمه وأنزل عليه التوراة. فيؤتى موسى صلى الله عليه وسلم فيطلب ذلك إليه، فيذكر ذنبا، فيقول: لست أنا بصاحب ذلك، ولكن عليكم بروح الله - عز وجل - وكلمته عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم فيؤتى عيسى ابن مريم فيطلب ذلك إليه، فيقول: ما أنا بصاحب ذلك، ولكن عليكم بمحمد صلى الله عليه وسلم. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فيأتونني ) ولي عند ربي - عز وجل - ثلاث شفاعات وعدنيهن، فأنطلق فآتي الجنة وآخذ بحلقة الباب، ثم أستفتح، فيفتح لي فأحيا ويرحب بي فإذا دخلت الجنة فنظرت إلى ربي خررت ساجدا، فيأذن الله لي من حمده وتمجيده بشيء ما أذن به لأحد من خلقه، ثم يقول الله - عز وجل - لي: ارفع رأسك يا محمد، اشفع تشفع، وسل تعطه. فإذا رفعت رأسي، قال الله - عز وجل وهو أعلم - : [ ص: 153 ]
ما شأنك؟ فأقول: يا رب، وعدتني الشفاعة فشفعني في أهل الجنة يدخلون الجنة. فيقول الله - عز وجل - : قد شفعتك وأذنت لهم في دخول الجنة. فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: والذي بعثني بالحق ما أنتم في الدنيا بأعرف بأزواجكم ومساكنكم من أهل الجنة بأزواجهم ومساكنهم، فيدخل رجل منهم على ثنتين وسبعين زوجة فيما ينشئ وثنتين وسبعين من ولد آدم لهما فضل على ما أنشأ الله بعبادتهم الله في الدنيا فيدخل الله الأولى منهن في غرفة من ياقوتة على سرير من ذهب مكلل باللؤلؤ عليه تسعون زوجا من سندس وإستبرق وإنه ليضع يده بين كتفيها ثم ينظر إلى يده في صدرها من وراء ثيابها وجلدها ولحمها، وإنه لينظر إلى مخ ساقها كما ينظر أحدكم إلى السلك في قصبة الياقوت، (كبده لها ) مرآة، فبينما هو عندها لا يملها ولا تمله لا يأتيها من مرة إلا وجدها عذراء ما يفتر ذكره ولا تشتكي قبلها، فبينا هو كذلك إذ نودي: قد عرفنا أنك لا تمل ولا تمل إنه لا مني ولا منية إلا أن يكون (أزواج ) غيرها، فيخرج فيأتيهن واحدة واحدة، كلما جاء واحدة قالت: والله ما في الجنة شيء أحسن منك وما في الجنة شيء أحب إلي منك، فإذا وقع أهل النار في النار وقع فيها خلق من خلق ربك أوبقتهم أعمالهم، فمنهم من تأخذ قدميه لا تجاوز ذلك، ومنهم من تأخذ إلى حقويه، ومنهم من تأخذ جسده كله إلا وجهه فحرم الله صورته عليها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رب، من وقع في النار من أمتي. فيقول الله - عز وجل - : أخرجوا من عرفتم. فيخرج أولئك حتى لا يبقى منهم أحد، ثم يأذن الله في الشفاعة فلا يبقى نبي ولا شهيد إلا شفع، فيقول الله - عز وجل - : أخرجوا من النار من وجدتم في قلبه زنة الدينار إيمانا. فيخرج أولئك حتى لا يبقى منهم أحد، ثم يشفع الله فيقول: أخرجوا من وجدتم في قلبه إيمانا ثلثي دينار، ثم يقول: نصف دينار، ثم يقول: ثلث دينار، ثم يقول: سدس دينار، ثم يقول: قيراط ثم يقول: حبة من خردل. فيخرج أولئك حتى لا يبقى منهم واحد وحتى لا يبقى في النار من عمل خيرا قط وحتى لا يبقى أحد له شفاعة إلا شفع، حتى إن إبليس ليتطاول لما يرى من رحمة الله رجاء أن يشفع له، ثم يقول الله - عز وجل - : بقيت أنا وأنا أرحم الراحمين. فيدخل الله يده في جهنم، فيخرج منها ما لا يحصيه غيره كأنهم خبث فيلقيهم الله - عز وجل - على نهر يقال له: نهر الحيوان، فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل فما يلي الشمس منها أخيضر وما يلي الظل منها أصفر [ ص: 154 ] فينبتون كنبات الطراثيث حتى يكونوا أمثال الذر مكتوب في رقابهم: الجهنميون عتقاء الرحمن. يعرفهم أهل الجنة بذلك الكتاب ما عملوا خيرا قط فيلقون في الجنة ".
رواه والبيهقي. أبو يعلى الموصلي