[ 6593 ] وعن رضي الله عنه قال: "كان أبي رافع أبو لؤلؤة عبدا لمغيرة بن شعبة وكان يصنع الرحا، وكان يستغله كل يوم أربعة دراهم، فلقي المغيرة بن شعبة أبو لؤلؤة فقال: يا أمير المؤمنين، إن عمر المغيرة قد أثقل علي غلتي فكلمه يخفف عني. فقال له اتق الله وأحسن إلى مولاك. وفي نية عمر: أن يلقى عمر المغيرة فيكلمه فيخفف عنه، فغضب العبد وقال: [ ص: 170 ] وسع الناس كلهم عدله غيري. فأضمر على قتله، فاصطنع خنجرا له رأسان، وشحذه وسمه، ثم أتى به الهرمزان فقال: كيف ترى في هذا؟ قال: أرى أنك لا تضرب به أحدا إلا قتلته. قال: فتحين أبو لؤلؤة فجاء في صلاة الغداة حتى قام وراء عمر، إذا أقيمت الصلاة فتكلم يقول: أقيموا صفوفكم. كما كان يقول، فلما كبر وجأه عمر أبو لؤلؤة في كتفه، ووجأه في خاصرته، فسقط وكان وطعن بخنجره ثلاثة عشر رجلا، فهلك منهم سبعة وأفرق منهم ستة، وحمل عمر، فذهب به إلى منزله، وصاح الناس حتى كادت الشمس تطلع، فنادى عمر يا أيها الناس، الصلاة، الصلاة، الصلاة. وفزعوا إلى الصلاة، فتقدم عبد الرحمن بن عوف: فصلى بهم بأقصر سورتين من القرآن، فلما قضى الصلاة توجهوا إلى عبد الرحمن بن عوف، فدعا بشراب لينظر ما قدر جرحه، فأتي بنبيذ فشربه فخرج من جرحه، فلم يدر أنبيذ هو أم دم، فدعا بلبن فشربه، فخرج من جرحه فقالوا: لا بأس عليك يا أمير المؤمنين. فقال: إن يكن القتل بأسا فقد قتلت؛ فجعل الناس يثنون عليه، يقولون: جزاك الله خيرا يا أمير المؤمنين، كنت وكنت. ثم ينصرفون، ويجيء قوم آخرون: فيثنون عليه فقال عمر، أما والله على ما تقولون وددت أني خرجت منها كفافا لا علي ولا لي، وأن صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم سلمت لي. فتكلم عمر: فقال: لا والله لا تخرج منها كفافا، لقد صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فصحبته خير ما صحبه صاحب، كنت له، وكنت له، وكنت له حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنك راض، ثم صحبت خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم وليتها يا أمير المؤمنين أنت، فوليتها بخير ما وليها وال، كنت تفعل، وكنت تفعل. فكان عبد الله بن عباس يستريح إلى حديث عمر فقال ابن عباس كرر علي حديثك. فكرر عليه فقال عمر: أما والله على ما تقول لو أن لي طلاع الأرض ذهبا لافتديت به اليوم من هول المطلع، قد جعلتها شورى في ستة: عمر: عثمان، وعلي، وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وجعل وسعد بن أبي وقاص. معهم مشيرا وليس هو منهم، وأجلهم ثلاثا وأمر عبد الله بن عمر صهيبا أن يصلي بالناس".
[ ص: 171 ] رواه وعنه أبو يعلى في صحيحه، ورواه ابن حبان وعنه الحاكم في سننه، وتقدم في كتاب الديات. البيهقي
وله شاهد في الصحيح من حديث عمر بن الخطاب.