[ ص: 109 ] المسألة الخامسة
اتفق الكل في على أن المكلف لو غلب على ظنه أنه يموت بتقدير التأخير عن أول الوقت فأخره أنه يعصي وإن لم يمت ، واختلفوا في فعله بعد ذلك في الوقت : هل يكون قضاء أو أداء ؟ فذهب الواجب الموسع القاضي أبو بكر إلى كونه قضاء ، وخالفه غيره في ذلك .
حجة القاضي أن الوقت صار مقدرا مضيقا بما غلب على ظن المكلف أنه لا يعيش أكثر منه ، ولذلك عصى بالتأخير عنه ، فإذا فعل الواجب بعد ذلك فقد فعله خارج وقته فكان قضاء كما في غيره من العبادات الفائتة في أوقاتها المقدرة المحدودة .
ولقائل أن يقول : غاية ظن المكلف أنه أوجب العصيان بالتأخير عن الوقت الذي ظن حياته فيه دون ما بعده ، فلا يلزم من ذلك تضييق الوقت ، بمعنى أنه إذا بقي بعد ذلك الوقت كان فعله للواجب فيه قضاء ، وذلك لأنه كان وقتا للأداء ، والأصل بقاء ما كان على ما كان ، ولا يلزم من جعل ظن المكلف موجبا للعصيان بالتأخير مخالفة هذا الأصل أيضا ، ولهذا فإنه لا يلزم من عصيان المكلف بتأخير الواجب الموسع عن أول الوقت من غير عزم على الفعل عند القاضي أن يكون فعل الواجب بعد ذلك في الوقت قضاء ، وهو في غاية الاتجاه .