المسألة الثامنة عشرة
يجب . أن لا تكون العلة المستنبطة من الحكم المعلل بها مما ترجع على الحكم الذي استنبطت منه بالإبطال
وذلك كتعليل وجوب الشاة في باب الزكاة بدفع حاجة الفقراء ; لما فيه من رفع وجوب الشاة [1] وإن ارتفاع الأصل المستنبط منه يوجب إبطال العلة المستنبطة منه ضرورة توقف عليتها على اعتبارها به ، وأن لا تكون طردية محضة كالطول والقصر والسواد والبياض ونحوه ; لما بيناه من أن العلة في الأصل لا تكون إلا بمعنى الباعث ، والوصف الطردي [2] لا يكون باعثا ، ولأن الحكم في الفرع إنما يثبت بما غلب على الظن أن الحكم في الأصل ثابت له ، وذلك غير متصور في الوصف الطردي ، وأن لا يكون لها في الأصل معارض لا تحقق له في الفرع لما يأتي تقريره ، وأن لا تكون مخالفة للنص الخاص أو للإجماع ، وهذا كله من الشروط المتفق عليها .
وقد اشترط فيها أن لا تكون مخصصة لعموم القرآن ، وقد أبطلناه فيما تقدم [3] وأن لا تعارضها علة أخرى تقتضي نقيض حكمها .
[ ص: 245 ] وإنما يصح ذلك أن لو كانت العلة المعارضة لها راجحة عليها وممتنعة التخصيص ، وقد عرف ما في ذلك .
[4] وأن لا تتضمن زيادة على النص ، وإنما يصح ذلك أن لو كانت الزيادة منافية لمقتضى النص .
[5] وأن تكون منتزعة من أصل مقطوع بحكمه ، وليس كذلك لما بيناه من جواز القياس على أصل حكمه ثابت بدليل مظنون .
وأن لا تكون مخالفة لمذهب الصحابي ، وليس كذلك لجواز أن يكون مذهب الصحابي مستندا إلى علة مستنبطة من أصل آخر ، إلا أن تكون علته مع ظهورها راجحة . وأن يكون وجودها في الفرع مقطوعا به ، وليس كذلك ; لأن وجودها أحد ما يتوقف عليه الحكم في الفرع ، فكان الظن كافيا فيه ، كما في وجودها في الأصل ، وفي كونها علة ، وفي نفي المعارض عنها في الأصل والفرع .
وبالجملة فهذه الشروط في محل الاجتهاد .