الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
          المسألة الثامنة عشرة

          يجب أن لا تكون العلة المستنبطة من الحكم المعلل بها مما ترجع على الحكم الذي استنبطت منه بالإبطال .

          وذلك كتعليل وجوب الشاة في باب الزكاة بدفع حاجة الفقراء ; لما فيه من رفع وجوب الشاة [1] وإن ارتفاع الأصل المستنبط منه يوجب إبطال العلة المستنبطة منه ضرورة توقف عليتها على اعتبارها به ، وأن لا تكون طردية محضة كالطول والقصر والسواد والبياض ونحوه ; لما بيناه من أن العلة في الأصل لا تكون إلا بمعنى الباعث ، والوصف الطردي [2] لا يكون باعثا ، ولأن الحكم في الفرع إنما يثبت بما غلب على الظن أن الحكم في الأصل ثابت له ، وذلك غير متصور في الوصف الطردي ، وأن لا يكون لها في الأصل معارض لا تحقق له في الفرع لما يأتي تقريره ، وأن لا تكون مخالفة للنص الخاص أو للإجماع ، وهذا كله من الشروط المتفق عليها .

          وقد اشترط فيها أن لا تكون مخصصة لعموم القرآن ، وقد أبطلناه فيما تقدم [3] وأن لا تعارضها علة أخرى تقتضي نقيض حكمها .

          [ ص: 245 ] وإنما يصح ذلك أن لو كانت العلة المعارضة لها راجحة عليها وممتنعة التخصيص ، وقد عرف ما في ذلك .

          [4] وأن لا تتضمن زيادة على النص ، وإنما يصح ذلك أن لو كانت الزيادة منافية لمقتضى النص .

          [5] وأن تكون منتزعة من أصل مقطوع بحكمه ، وليس كذلك لما بيناه من جواز القياس على أصل حكمه ثابت بدليل مظنون .

          وأن لا تكون مخالفة لمذهب الصحابي ، وليس كذلك لجواز أن يكون مذهب الصحابي مستندا إلى علة مستنبطة من أصل آخر ، إلا أن تكون علته مع ظهورها راجحة . وأن يكون وجودها في الفرع مقطوعا به ، وليس كذلك ; لأن وجودها أحد ما يتوقف عليه الحكم في الفرع ، فكان الظن كافيا فيه ، كما في وجودها في الأصل ، وفي كونها علة ، وفي نفي المعارض عنها في الأصل والفرع .

          وبالجملة فهذه الشروط في محل الاجتهاد .

          التالي السابق


          الخدمات العلمية