[ ص: 100 ] المسألة التاسعة
اتفق القائلون بالمفهوم على أن وذلك كقوله تعالى : ( كل خطاب خصص محل النطق بالذكر لخروجه مخرج الأعم بالأغلب لا مفهوم له وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن ) ، وقوله : ( وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها ) [1] . ، وقوله - صلى الله عليه وسلم - : " " ، وقوله - صلى الله عليه وسلم - : " أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل " فإن تخصيصه بالذكر لمحل النطق في جميع هذه الصور إنما كان لأنه الغالب ، إذ الغالب أن الربيبة إنما تكون في الحجر ، وأن الخلع لا يكون إلا مع الشقاق ، وأن المرأة لا تزوج نفسها إلا عند عدم إذن الولي لها وإبائه من تزويجها ، وأن الاستنجاء لا يكون إلا بالحجارة . فليستنج بثلاثة أحجار
وكذلك الحكم في كل ما ظهر سبب تخصيصه بالذكر كسؤال سائل أو حدوث حادثة أو غير ذلك مما سبق ذكره من أسباب التخصيص .
وعلى هذا فلو لم يظهر سبب يوجب تخصيص محل النطق بالذكر دون محل السكوت بل كانت الحاجة إليهما وإلى ذكرهما مع العلم بهما مستوية ، ولم يكن الحكم في محل السكوت أولى بالثبوت .
وبالجملة ، لو لم يظهر سبب من الأسباب الموجبة للتخصيص سوى نفي الحكم في محل السكوت فهل يجب القول بنفي الحكم في محل السكوت تحقيقا لفائدة التخصيص ، أو لا يجب ؟
إن قلنا إنه لا يجب كان التخصيص بالذكر عبثا خليا عن الفائدة ، وذلك مما ينزه عنه منصب آحاد البلغاء فضلا عن كلام الله تعالى ورسوله .
وإن قلنا بوجوب نفي الحكم لزم القول بدلالة المفهوم في هذه الصورة .
[ ص: 101 ] والوجه في حله أن يقال : إذا لم يظهر السبب المخصص ، فلا يخلو : إما أن يكون مع عدم ظهوره محتمل الوجود والعدم على السواء ، أو أن عدمه أظهر من وجوده .
فإن كان الأول فليس القول بالنفي أولى من القول بالإثبات ، وعلى هذا فلا مفهوم ، وإن كان الثاني فإنما يلزم من ذلك نفي الحكم في محل السكوت أن لو كان نفي الحكم فيه من جملة الفوائد الموجبة لتخصيص محل النطق بالذكر وليس كذلك .
وذلك لأن نفي الحكم في محل السكوت عند القائلين بمفهوم المخالفة إنما هو فرع دلالة اللفظ في محل النطق عليه فلو كانت دلالة اللفظ في محل النطق على نفي الحكم في محل السكوت متوقفة عليه بوجه من الوجوه كان دورا ممتنعا .
[2] وإلى هاهنا تم الكلام في أصناف دلالة غير المنظوم .
هذا ما يتعلق بالنظر فيما يشترك فيه الكتاب والسنة والإجماع .