المسألة الرابعة
ومن التأويلات البعيدة قول أصحاب أبي حنيفة في قوله - صلى الله عليه وسلم - : " لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل " إن المراد به صوم القضاء والنذر من حيث [1] إن الصوم نكرة وقد دخل عليه حرف النفي فكان ظاهره العموم في كل صوم .
والمتبادر إلى الفهم من لفظ الصوم إنما هو الصوم الأصلي المتخاطب به في اللغات وهو الفرض والتطوع[2] دون ما وجوبه بعارض ، ووقوعه نادر : وهو القضاء والنذر .
ولا يخفى أن إطلاق ما هو قوي في العموم وإرادة ما هو العارض البعيد النادر ، وإخراج الأصل الغالب منه إلغاز في القول .
ولهذا فإنه لو قال السيد لعبده : " من دخل داري من أقاربي أكرمه " وقال : " إنما أردت قرابة السبب دون النسب أو ذوات الأرحام البعيدة دون العصبات القريبة " كان قوله منكرا مستبعدا ، لكنه مع ذلك لا ينتهض في البعد إلى بعد التأويل في حمل الخبر السابق على الأمة والمكاتبة .