4051 - أخبرنا ، أنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، نا محمد بن يوسف ، حدثني محمد بن إسماعيل ، عن مالك ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبي سعيد : لقد حمدناه حين طلع لذلك، قال: "لا يأتي الخير إلا بالخير إن هذا المال خضرة حلوة، وإن كل ما أنبت الربيع يقتل حبطا، أو يلم، ألا إن آكلة الخضرة تأكل حتى إذا اشتدت خاصرتاها، استقبلت الشمس، فاجترت وثلطت وبالت، ثم عادت فأكلت، وإن هذا المال حلوة، من أخذه بحقه ووضعه في حقه فنعم المعونة هو، ومن أخذه بغير حقه، كان كالذي يأكل ولا يشبع". أبو سعيد " إن أكثر ما أخاف عليكم ما يخرج الله لكم من بركات الأرض، قال: زهرة الدنيا "، فقال له رجل: ما يأتي الخير بالشر؟ فصمت النبي صلى الله عليه وسلم حتى ظننا أنه ينزل عليه، ثم جعل يمسح عن جبينه، قال: "أين السائل؟" قال: أنا، قال
هذا حديث متفق على صحته أخرجه ، عن مسلم أبي الطاهر ، عن [ ص: 254 ] ، عن عبد الله بن وهب . مالك
قوله: "خضرة" فالخضرة: الغضة الحسنة يريد أن صورة الدنيا ومتاعها حسنة المنظر تعجب الناظر، وكل شيء غض طري فهو خضرة، وأصله من خضرة الشجر، ومنه قيل للرجل إذا مات شابا غضا: قد اختضر، ويقال: خذ هذا الشيء خضرا مضرا، فالخضر: الحسن الغض، والمضر إتباع، ويقال: خذه بلا ثمن، وقوله سبحانه وتعالى: ( فأخرجنا منه خضرا ) أي: ورقا أخضر، يقال: أخضر خضر، كما يقال: أعور عور، وكل شيء ناعم، فهو خضر.
وقوله: "يقتل حبطا"، قال : الحبط: هو أن تأكل الدابة فتكثر حتى تنتفخ لذلك بطنها وتمرض، يقال منه: حبطت تحبط حبطا، قال الأصمعي : قوله: "أو يلم" يعني يقرب من ذلك. أبو عبيد
الأزهري : فيه مثلان ضرب: أحدهما للمفرط في جمع الدنيا ومنعها من حقها، وضرب الآخر: للمقتصد في أخذها والانتفاع بها.
فأما قوله: "وإن مما ينبت الربيع ما يقتل حبطا" فهو مثل للمفرط الذي يأخذها بغير حق، وذلك أن الربيع ينبت أحرار العشب، فتستكثر منها الماشية حتى تنتفخ بطونها لما قد جاوزت حد الاحتمال، فينشق أمعاؤها فتهلك، كذلك الذي يجمع الدنيا من غير [ ص: 255 ] حلها، ويمنع ذا الحق حقه، يهلك في الآخرة بدخول النار.
وأما مثل المقتصد، فقوله صلى الله عليه وسلم : "ألا إن آكلة الخضرة" وذلك أن الخضر ليست من أحرار البقول التي ينبتها الربيع فتستكثر منها الماشية، ولكنها من كلأ الصيف التي ترعاها المواشي بعد هيج البقول شيئا فشيئا من غير استكثار، فضرب مثلا لمن يقتصد في أخذ الدنيا ولا يحمله الحرص على أخذها بغير حقها، فهو ينجو من وبالها.
وقوله: "استقبلت الشمس فاجترت وثلطت" أراد أنها إذا شبعت بركت مستقبلة الشمس تجتر وتستمرئ بذلك ما أكلت، فإذا ثلطت زال عنها الحبط، وإنما تحبط الماشية إذا كانت لا تثلط ولا تبول، قال : وجعل ما يكون من ثلطها وبولها مثلا لإخراج ما يكسبه من المال في الحقوق. الخطابي
وفيه الحض على الاقتصاد في المال، والحث على الصدقة، وترك الإمساك للادخار.
قال الأزهري ، في قوله: "ألا إن آكلة الخضرة"، قال الخضر ههنا: ضرب من الجنبة، واحدها خضرة والجنبة من الكلأ: ما له أصل غامض في الأرض كالنصي والصليان.